وقد روى عالم من أكبر علماء الأزهر كلمة للمغفور له الملك فؤاد هي نبراس ما يكتبه هؤلاء ولا نشك في صوابهم فيه
روى أن الملك فؤاد حدثه بأنه يريد أن يرى علماء الأزهر كأندادهم رجال الدين في أوربا، وأن هذه أمنية من أعز أمانيه
ولكن هؤلاء الكاتبين والباحثين ينسون أن الأمنية شئ والحقيقة شئ. ويفوتهم أن المشتهي المرغوب والمتمني المطلوب شئ والأمر الواقع الذي لا مناص منه شئ
فالأزهر ليس كجامعة اللاهوت في أوربا، وعلماء الأزهر ليسوا كرجال الدين فيها، وطلبته ليسو كطلبة الجامعات أو الدراسات الدينية فيها. ولكن هذا لا دليل فيه على أن الأزهر رجعي وأنه قديم في الفهم قديم في التفكير
فإن هؤلاء الباحثين يقيسون الأزهر ورجاله وأهله على قياس أشباههم في بلاد الغرب، ويقارنون بينهم وبين رجال الدين فيه؛ ولا شك في أن هذا القياس شطط وأنه بعيد عن الحكمة وعن الصواب
فالحياة المصرية والحياة الشرقية كلها بعيدة عن الحياة الغربية: الحياة العقلية والحياة الثقافية والحياة الأدبية وكل نوع ولون من أنواع الحيوات وألوانها وشكولها، شتان بين الشرق والغرب فيها
ومن الشطط والبعد عن الإنصاف أن نفصل بين الأزهر وبين أنواع الحياة المصرية الشرقية وألوانها وأن نقارن بينه وحده وبين أوربا. بل الإنصاف يقتضينا أن نقارن بين الأزهر وبين غيره في مصر، وأن نوازن بين الحياة العقلية والحياة الذهنية والحياة الأدبية فيه، وبين هذه الحيوات في مصر
والذين يقيمون الميزان بين الأزهر وبين أوربا نقول لهم: هل يرضيكم أن نقيم الميزان بين الجامعة المصرية وجامعات أوربا؟
وأن نقيم الميزان بين المدارس في مصر والمدارس في أوربا؟ وأن نقيم الميزان بين الحياة الأدبية والذهنية والثقافية ي مصر في أي مظهر من مظاهر نشاطها وبين نظائرها وأشباهها في أوربا؟