ليقل لنا الدكتور زكي مبارك، وقد خبر الجامعة والتعليم في المدارس ويعرف كلمة الحق: هل رضي عن شئ من مظاهر الحياة العقلية الأدبية والتعليمية في هذه أو تلك؟ وليقم لنا الميزان بين هذه الجامعة وهذه المدارس، أو ليقم لنا رجال الجامعة أنفسهم والمنافحون عنها والمستطيلون بها الميزان بين الجامعة المصرية والمدارس المصرية وبين جامعات أوربا ومدارسها، ليقيموا لنا ميزان العدل وقسطاس الحق ثم ليدلونا أيها الراجح وأيها المرجوح
فالأزهر يجب أن يحدد مكانه وأن يوزن نشاطه وأن تقوم المقارنة بينه وبين غيره في مصر، لأنه جزء منها ولا يستطيع أن يسير وحده ولا أن يتقدم وحده ولا أن يسبق في جيش من المتخلفين، والحياة الاجتماعية كعربة ذات عجلات أربع، الأزهر واحدة منها، ولا يمكن أن تسير عجلة من العربة فتسبق، ولو كان ذلك لما استقامت العربة في سير ولا حركة، أو هي كالكائن الحي لا يمكن أن يسبق منه عضو عضواً في النماء والحياة، وإلا كان الكائن الحي كله منتهياً إلى الهلاك والموت أو للتشويه والنقص.
فإذا أقمنا بعد ذلك الميزان بين الأزهر وبين غيره في مصر والشرق، وإذا وازنا بين الحياة الثقافية والذهنية والتعليمية فيه وبين ذلك كله في غير الأزهر من المعاهد في مصر والشرق؛ فعند ذلك يستقيم الميزان ولا نكون قد بعدنا عن الشريعة الإنصاف؛ وعند ذلك أيضاً لا نظن أن الأزهر كفته تشيل، ولا أن كفة غيره تميل، ولا أن يكون غيره الراجح وأنه المرجوح.
ومن الإنصاف أيضاً أن نقارن بين الأزهر الجديد وبين الأزهر في الماضي، حتى القريب منه، وقد أشار الشيخ الأكبر إلى هذه الملاحظة في حديثه للرسالة وفي غيره، وهي مقارنة لا تحتاج إلى كثير من الكلام
ومن العنت أن نهمل التراث الزمني والتقاليد القاسية عندما نتكلم عن تطور معهد هو بطبيعته ركن الأركان في التقاليد، بل هو الركيزة التي تثبت فيها الحياة العامة كلها فلا تنحرف ولا يجرفها التيار القوي من مغريات التجديد والاندفاع
ولا نريد بعد ذلك أن نقول إن الأزهر عظيم عظيم، ولا إنه يقوم بواجبه، ولا إن التفكير فيه والحياة الذهنية فيه والتعليم فيه مما تغتبط به النفس وينشرح له الصدر ويبشر بمستقبل الخير. لا نقول ذلك ولا شيئاً منه؛ ولكنا نقول إلى جانب هذا إن الجامعة المصرية