والوصفة الثالثة على طريقة المعجزات هي وصفة على لسان (أولاد البلد) فيما يتحدثون به عن فعل الحبوب والعقاقير
فقد زعموا أن حبوباً تعيد الشباب، وان الحبة منها ترد من يتناولها عشر سنين، وأن رجلاً بالغ في التصابي فتناول خمس حبات فعاد رضيعاً على كفوف بناته وأبنائه.
وصيدلية هذه الحبوب لا تدين بمذهب الأمريكان في حب الدعوة والإعلان، فما اهتديت إلى مكانها حتى الساعة، ولعلها تدين بتأخير المكان.
فدعونا إذن من الوصفات الثلاث على طريقة المعجزات وهلموا بنا إلى وصفة العجزة من أبناء الفناء
ووصفة العجزة من أبناء الفناء هي كتب التاريخ، أو هي الصحافة التاريخية على التعبير الصحيح فيما نحن فيه
فإذا رجعت إلى سجلات الصحف فأمامك حوادث الأيام يوماً بعد يوم، وخبر بعد خبر، وفي وسعك أن تقفز إلى الوراء مائة سنة أو اكثر من مائة حسب تواريخ الصحف التي تقرأها، دون أن تتجشم المرانة على براعة القفز إلى الوراء.
ومن سجلات الصحافة القيمة سجل يجمع فصول (التيمس) الافتتاحية في جلائل الأحداث من سنة ألف وثمانمائة إلى ما قبل اليوم بثلاث سنوات.
ففي أي يوم من أيام تلك الأحداث تريد أن تجلس إلى قهوتك وتفتح صحيفتك وتأتمر بأمر الفضول، فتستطلع الغيب عن الحادث المجهول؟
معركة ترافلجار أو الطرف الأغر؟ معركة واترلو؟ تسليم نابليون؟ موت نابليون؟ أحاديث العلماء والجهلاء عن الاختراع الجديد المسمى بالتلفون؟
أنت لا تعلم شيئاً من هذه الأشياء، ولكنك تفتح الصحيفة لتقرأ آخر الأنباء.
٧ نوفمبر سنة ١٨٠٥ - يوم ترافلجار
(في مكان آخر من عدد اليوم نص التقرير الرسمي عن المعركة البحرية التي انتهت بأحسم انتصار ظفرت به الفطنة والبسالة البريطانيتان. وهو انتصار على ما فيه من العظمة والمجد قد اشتريناه بثمن غال، وكفى دليلاً على شيوع هذه العقيدة ورسوخها في الأذهان ذلك الحزن البالغ العميم الذي قوبل به موت اللورد نلسون. فلم يكن للنصر صدى الحماسة