أما بعد، فهذه لمحات من مآثر سعد، وما أريد بها التكفير عن الأعوام التي قضيتها في الهجوم عليه، فما كان لي من غاية ولا غرض في ذلك الهجوم شببتُ ناره في جريدة الأفكار وجريدة المحروسة وجريدة اللواء؛ وإنما كنت جندياً من جنود الحزب الوطني، وكنا نرى صادقين أن هدم سعد من أوجب الفروض
فإن قيل إن جهادنا في تحطيم سعد قد ذهب أدراج الرياح، فأنا أجيب بأن هذا من حظ مصر ومن حظ الحزب الوطني، لأن الحزب الوطني يسره أن يكون في مصر رجال ترضى عنهم الأمة وتقيم لهم التماثيل
الحزب الوطني ينتظر خصوماً من طراز سعد، خصوماً أقوياء لا تهدمهم معاول الحق، وما أعظم الرجل الذي تعجز عن هدمه معاول الحق!
وهل كان عبد العزيز جاويش على خطأ في محاربة سعد زغلول؟
وهل كان مصطفى الشوربجي آثماً في تفنيد المطالب الوفدية؟
إن انتصار الوفد في عهد سعد وفي عهد النحاس لن ينسينا مبادئنا، ونحن مع ذلك نرحب بانتصار الوفد ونرجو أن يطول بيننا النزاع والشقاق، لأننا نؤمن بأن السلام ضرب من الموت
كانت لنا مبادئ وكانت لنا ميادين قتال
فمتى يرجع ذلك العهد، العهد الذي كنا نشتجر فيه حول المقاصد الوطنية ونحن في غياهب الاعتقال؟
أيقضَى علينا أن نعيش في أمان فلا نعرف غير مصاولة الكاتبين والباحثين؟
ولكن لا بأس، فما كان النقد الأدبي إلا خدمة وطنية، لأن الأدب هو سفير مصر في الشرق