العربية والإسلامية، وقد أنتبه سعد إلى خطر ذلك الهواء فصدَّه بحزم وعنف. ولما وقع الزلزال بفلسطين في صيف سنة ١٩٢٧ تبرع سعد بمائة جنيه لمنكوبي الزلزال وتبرع المرحوم عوض بك عريان المهدي بتسعة وتسعين جنيهاً فكانت نكتة لطيفة من نكت الذوق. وعواطف سعد من الوجهة العربية والإسلامية كانت عواطف الزعيم الذي يؤمن بأن العروبة والإسلام هما سند مصر في الشرق
خامساً - كان سعد أقوى نصير للمواهب الأدبية، وكان ينظر إلى القلم نظر الخوف والرجاء، ولم يكن يجيد المتعة الروحية إلا في محاورة أهل الفكر والبيان
كان سعد يحب أنصاره من الكتّاب فيقرِّبهم ويشجِّعهم، وكان يبغض خصومه من الكتّاب بغضاً شديداً، فلا يأوي إلى فراشه إلا بعد أن يطمئن إلى أنه سيقرأ في غده ما ينقض تحاملهم عليه، وكان يتقدم بنفسه من حين إلى حين فيخوض غمار المعارك القلمية بإمضاء مستعار ليشفي صدره من المتطاولين على مقامه الجليل
سادساً - كان سعد من أرباب القلوب، وتتجلى عظمة سعد من هذه الناحية إذا تذكرنا كيف نسى ما كان بينه وبين خصومه من الأحقاد السُّود بعد إذ منّ الله بنعمة الائتلاف، فقد كان سعد يبكي لفراق عدلي يكن وعبد الخالق ثروت، وكان صدقه في مودة هذين الخصمين من أكرم ما صدر عن قلبه السليم
سابعاً - كان لسعد فضلٌ عظيم في تقوية الشخصية الحزبية، وهي أساسٌ لجميع الأعمال الوطنية، حين تَحسُن النيات، وتصفو الضمائر، وتطيب القلوب
كان سعد رئيس الأمة، ولكنه لم ينس أبداً أنه رئيس الوفد، فكان يجاهد في تقوية ذاتيته الحزبية بعزيمة قهَّارة وقلب صوَّال، وهو الذي رفض السماح لأحد أنصار الوفد بالاعتراض على الحكومة الوفدية في مجلس النواب
وهنا ندرك أن سعداً كان يعرف قيمة المبادئ، وما كانت تجوز عليه الحيلة الطريفة التي تقول بالتفرقة بين المبادئ والأشخاص، والتي تبيح للرجل أن يخرج على حزبه بحجة أنه من أنصار الحق! ومعنى هذا الكلام أن الرجل يجب عليه أن ينصر حزبه ظالماً أو مظلوماً، وأن يؤازره في جميع الأحوال، ولو أعتقد أنه على ضلال
وبهذا الحزم الصارم نجح سعد، ولعله كان يفهم جيداً أن العضو في الحزب كالجنديّ في