الجماهير بفرحة الفن ونشوته انتفضت أعصابها وارتعشت فيها الحياة، وعندئذ يرجى من هذه الجماهير الخير وعندئذ تراها الدنيا وهي شعوب مقبلة على حياة العمل والحركة والتوثب والسمو
وعندنا المثل على هذا. . . أمريكا فابرز ما في صناعاتها السينما، وأبرز ما في أخلاقها النشاط الذي يكاد يكون جنوناً
. . . هذه من غير شك آمال كانت تخفق بها نفس عبد الله أباظة بك ونفس الأستاذ عبد الحليم محمود، ونزوعاً إلى تحقيقها أنفقنا ما أنفقنا في إخراج هذا الفلم، والذي أنفقناه لابد أن يكون مبلغاً ضخماً جداً من المال، فمناظر الفلم وأثاثه ورياشه وملابسه كلها مما يقصم الظهر إعداده وتجهيزه، وأجر المؤلف وأجر المخرج وأجور الممثلين وإن كانت تقل بكثير عن أمثالها مما يدفع لزملائهم في الخارج فهي من غير شك كانت في مجموعها مبلغاً لا يستهان به، وأجور الملحنين هي وحدها لا أستطيع أن أقول إنها كانت شيئاً مذكوراً فهؤلاء وحدهم هم المظلومون الذين يعطون مادة الغناء للأفلام الغنائية التي ترتكز على الغناء أول ما ترتكز
ضحت شركة أفلام الشرق ما ضحت في سبيل دنانير، وجمعت لأم كلثوم كل القوى التي حسبتها كفيلة بإبلاغ الفلم إلى درجة الكمال التي تتوق إليها، فإلى أي حد أدت كل قوة من هذه القوى واجبها، وحملت أمانة القسط المعهود إليها به؟
وقبل أن أقول كلمتي الهزيلة في هذه القوى وفي أم كلثوم من فوقها يجب أن أذكر لشركة أفلام الشرق تضحية أخرى غير التضحية المالية، بذلتها راضية عن حب وكرامة لتوفر لأم كلثوم كل أسباب الراحة والاطمئنان في العمل، تلك التضحية هي أنها أخضعت إرادتها لإرادة أم كلثوم في اختيار هذه القوى التي ساندتها وعاونتها، اللهم إلا واحداً فقط تشبث به عبد الله اباظة بك وهو زكريا أحمد فقد كان على خلاف مع أم كلثوم، واباظة بك هو الذي ذلل هذا الخلاف وأزاله. . .
أم كلثوم أولاً
والآن. . . ما الذي حدث لآم كلثوم حتى أنها استحالت في نظري من فنانة تشبع النفس إشباعاً مريحاً إلى هذه الجديدة التي حين سيطرت على عمل فني كبير مثل (دنانير) خرج