للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من تحت يدها وهو فاشل ميت مع وفرة المال الذي بذل فيه وطواعية المعاونين الذين عاونوها فيه. . .؟

لابد أن يكون قد حدث لأم كلثوم شيء وأصاب نفسها وقعد على روحها؟ فما هذا الذي حدث؟ وما هي دلائله؟!

الكاميرا صاحبة العين النافذة تقول لنا ما الذي حدث!

قالت لنا الكاميرا إن أم كلثوم اغترت، وإن إحساسها ركد، وإن بدنها طغى على روحها، وإنها استمرت التكلف والتصنع حتى نضبت سجيتها وجفت عواطفها؛ فانحرمت من الفرح تبعاً للذي أرادته من الامتناع على الألم. وقد قالت لنا الكاميرا أيضاً إن أم كلثوم - لها الله - قد تحجرت.

أما غرور أم كلثوم فشيء رأيته شائعاً في الفلم ولكني لم أستطيع أن أطبق على عنقه متلبساً بحادثة، لأجره وأقفه أمام الأنظار وهو عريان. فللذين يريدون أن يروه أقول إن عليهم أن يشاهدوا الفلم ليتحسسوه فقد يلمسونه.

وأما ركود الحس فقد قبضت عليه متلبساً بحادثة، وقد ظهر على أم كلثوم في موقفها مع الخليفة حين كانت تستعطفه على جعفر فما بدا في هذا الاستعطاف إحساس بجعفر ولا بها ولا بالخليفة.

وإنما الذي بدا منها في هذا الموقف اهتزازات وغمزات بالكتفين وهمزات في الصوت لا يمكن أن تصدر من موجع يستعطف لمنكوب؛ وإنما هي قد تصدر من جارية تغري مولاها إذا هجرها وأما طغيان البدن فظاهر في هذا الموقف أيضاً لأنه مصاحب لركود الحس؛ فكل من ركد حسه طغى عليه بدنه، وهو ظاهر كذلك في مواقف أم كلثوم الغنائية جميعها. فقد كانت تغني وتحرص على أن تضم شفتيها وتصغر فمها فلا تفتحه مهما تطلب الغناء أن تفتحه، كأنما كانت تخشى أن يرى الناس فمها واسعاً وكأنما كانت تخشى أن يرى الناس شفتيها غليظتين؛ مع أن أهل الفراسة يقولون إن الفم الواسع والشفاه الغليظة من لوازم الغناء، لأنهما عضوان من الأعضاء التي يتكون منها جهازه البدني

ولأن أم كلثوم قد فعلت فعلتها هذه، فقد كانت الألحان تخرج من بين شفتيها مخنوقة مصفاة الدم مجهدة الروح، ولو كنت أنا زكريا أحمد لطالبت أم كلثوم بتعويض كبير، لأنها خنقت

<<  <  ج:
ص:  >  >>