بشواهد كثيرة يسوقها من التاريخ ومن الواقع، ليمنع عنها كل لبس، وينفي كل شبهة، ويسد على المعارضين طريقهم بالحجج القاطعة، والبراهين الساطعة. ولم تسلم ألفاظه وتراكيبه من أخطاء لغوية وصرفية؛ ولم تخل تعابيره من التواء في بنائها. والسبب في هذا النقص يرجع إلى أمور من بينها أن اهتمامه كان متجهاً إلى ناحية الفكرة الإصلاحية التي يرمي إليها أكثر من اتجاهه إلى الناحية اللغوية، وأنه لم يكن متضلعاً من فقه اللغة ولا من الدراسة الأدبية العربية في الكتب القديمة التي هي المنبع الفياض للأساليب القوية الجزلة السليمة؛ ونذكر على سبيل الاستشهاد بعضاً من هذه الأخطاء: فقد أكثر من استعمال كلمة (العائلة) وصوابها (الأسرة)، وجمع كلمة (الأهل) على (الأهالي) وصوابها (الأهلون)، وعدي الفعل (أعطى) باللام وهو يتعدى إلى المفعولين إذ قال: (وكثير من الرجال قد أعطوا لنسائهم مقاماً في الحياة العائلية)، كما عدى الفعل (أمكن) باللام إذ قال: (أمكن للأمة أن تنتفع بجميع أفرادها)، وجمع (عادة) على (عوائد) والصواب (عادات).
ومن أمثلة الالتواء في التعبير قوله:(وأذكر ملاحظة واحدة تؤيد ما قدمته - وهو أن نساء الإفرنج على العموم مهما كان حالهن في الباطن يحافظن على الظواهر فيعيش الواحد بين رجل وامرأة يحب بعضهما بعضاً أياماً وأشهراً ولا يكاد تقع منهما هفوة تظهر ما كان خافياً بينهما الخ) إلى غير ذلك من الهفوات اليسيرة التي لا تخفى على الأديب.
ومهما يكن من شيء فالكتاب له قيمته الاجتماعية، ويعتبر أثراً من الآثار الخالدة.