والباب الثالث من الكتاب يبين علاقة المرأة بالأمة، فهي النواة للأسرة، إن صلحت صلحت الأسرة، وإن فسدت هي فسدت الأسرة تبعاً لها، فهي المحور والمرتكز. ومن ثم كانت تربيتها أوجب من تربية الرجل. ومعلوم أن الأسرة هي الأمة مصغرة، ومن مجموع الأسر تتكون الأمة. فالمرأة المتمدينة تخدم بلادها أجل خدمة بما تؤديه من أعمال جليلة في مواقف عدة.
ولما كان ارتقاء الأمم يحتاج إلى عوامل شتى من أهمها ارتقاء المرأة، وانحطاط الأمم ينشأ من عوامل مختلفة من أهمها انحطاط المرأة، لزم العمل على إنهاض المرأة بتهذيبها وتطهيرها وتجميلها بالتربية الكاملة؛ فهي الدعامة لبناء مجتمعها، إن قويت قوي المجتمع، وإن ضعفت ضعف المجتمع وساء مصيره.
والباب الرابع خاص بنظام الأسرة وما يمس حياة العائلة من حقوق وواجبات وأحكام وعادات مما يتصل بمسائل الزواج، وتعدد الزوجات والطلاق. واستند المؤلف في هذا على ما ورد بكتب الفقه والمعاملات، والشرائع والاجتماع.
وقد أساء الناس فهم ما قصد إليه المرحوم قاسم بك أمين فظنوا أنه يدعو إلى الإباحة والمنكر؛ وهو إنما دعا إلى الخير والإصلاح بما يتمشى مع الشرائع ولا يتنافى مع روح الدين.
(د) الأسلوب
في أسلوب هذا الكتاب سهولة واسترسال. فلم يكن المؤلف متأنقاً في اختيار الألفاظ، ولا متحذلقاً في صوغ العبارات، ولم يعمد إلى زخرفة كتابته، ولم يولع بالصنعة التي أغرم بها معاصروه من الكتاب ومن كانوا قبله.
فجاءت كتابته خالية من التكلف والسجع. ولو أن قارئاً اطلع على كتاب (تحرير المرأة) ولم يكن يعرف أنه لقاسم أمين لعدّه من المؤلفات الحديثة في الوقت الحاضر؛ لأن أسلوبه يقارب الأسلوب الذي يتوخاه الأدباء والصحفيون في هذه الأيام من حيث السهولة والسلاسة.
أما المعاني والأفكار والبحوث فهي مرتبة ترتيباً منطقياً سليماً لأنه كان يأتي بالقضايا والأحكام بعد أن يمهد لها بمقدمات موصلة إليها، ثم يدلل عليها بأدلة عقلية ونقلية، ويعززها