وتذكرني بالحاجة إليها. فرأيت أن لا مناص من إبرازها من مكان الفكر إلى فضاء الدعوة والذكر).
(ج) موضوعات الكتاب
اشتمل كتاب تحرير المرأة على مقدمة تمهيدية تصف حال المرأة في الأيام القديمة، وتصوِّر اضطهادها وإذلالها واستحواذ الرجل عليها بقوته وجبروته، ومعاملته لها معاملة فيها قسوة وامتهان وبطش: بسجنها في المنزل، وعدم الثقة بها، والحيلولة بينها وبين الحياة، وتعطيل حقوقها وما وهبها الله من قوى التفكير والإرادة والشعور. وجاء الإسلام فسوّى بين الرجل والمرأة في الحقوق، وهذه الأحكام مقتبسة من تاريخ الأمم، والتاريخ أكبر شاهد عليها.
وعالج الباب الأول من الكتاب موضوع تربية المرأة وأثر هذه التربية في تثقيف عقلها، وتهذيب خلقها، وتنشئتها تنشئة صالحة، وإعدادها إعداداً تاماً للحياة الكاملة، حتى تنهض بنجاح وجدارة في الحياة العملية؛ فتدبّر أمرها وأمر منزلها، وأولادها، وتقوم بوظيفتها في المجتمع قياماً حسناً، وتطرح الخرافات والأباطيل، وتتمسك بالعقائد الدينية والآداب الاجتماعية وتتمتع بما في الكون من علوم ومعارف وآثار.
وقد حرمت فيما مضى - من التربية الصحيحة - فضعفت قواها الجسمية والعقلية والخلقية، وصارت مصدر شقاء لنفسها وبعلها وذريتها وأسرتها. لأن التربية الحقة تحيي في نفوس النساء معاني الشرف والكرامة والعفة، وتصونهن عن الفساد.
وأفاض الباب الثاني في شرح حجاب النساء واعتباره أصلاً من أصول الآداب التي يلزم التمسك بها متى كان منطبقاً على ما جاء في الشريعة الإسلامية. وقد أنحى فيه المؤلف باللائمة على الغربيين لغلوهم في إباحة السفور والتكشف، وعلى الشرقيين لمغالاتهم في التحجب، وأبان أن الفضيلة وسط بين هذين الطرفين، ولا تتحقق إلا بالحجاب الشرعي. واستدل على ما يقول بما ورد في الشرع الشريف، وناقش موضوع الحجاب والسفور نقاشاً دل على درجة تمكنه من هذه المسألة الاجتماعية الخطيرة.
واختتم كلامه في هذا الباب بوجوب التدرج في السفور وإلا حدث انقلاب فجائي ينجم عنه ضرر جسيم، ويؤدي إلى عكس المقصود.