يقول الله تعالى:(الخبيثات للخبيثين، والخبيثون للخبيثات. . .) فهذا شق من آية كريمة، يحدثنا - على أنسب الوجوه في تفسيرها - بأن الخبيثات من النساء لا يستأهلن من الأزواج إلا الخبيثين، فمن كرمت نفسه من الرجال، وضن بمروءته عن مواطن الذلة والهوان فبعيد عليه أن يجنح إلى خبيثة ساقطة يتخذها زوجة له. وكذلك الخبيثون من الرجال لا يستحقون إلا خبائث النساء، فمن ربأت بها العزة، وامتزج بها الشمم، تحاشت أن تجعل نفسها فراشاً لرجل ساقط المروءة، وضيع النفس، هين الكرامة
فإذا ما بخل كل ذي كرامة من الجانبين بنفسه عن لوثة الاتصال بالخبيث - تهيأ له أن يكون مع من يدانيه شرفاً وطهراً، ويناسبه أدباً وخلقاً؛ وهذا ما تهتف به الآية في شقها الثاني، إذ يقول تعالى:(. . . والطيبات للطيبين، والطيبون للطيبات) ففي هذا الشق إشادة بالنساء الطيبات، وإغراء للرجال باختيارهن، وكذلك إشادة بالطيبين، وأَغراء للنساء الطيبات باختيارهم أزواجا
فنحن نرى من هذا السياق حثاً قوياً (لكل من الرجل والمرأة على التنزه عن اختيار الوضيع قريناً له، ونرى فيه حثاً قوياً على اختيار الطيب للزيجة، فكلا الزوجين مرآة تتمثل فيها صورة صاحبه) فلينظر المرء: على أي شكل يحب أن يراه الناس؟
ويقول تعالى:(الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة. . .) فهذا شق آخر من آية ثانية، فيها تجريح مقذع للزاني، حتى أنه في الغالب لا يرغب أن يتزوج إلا من كانت على شاكلته، أو كانت أفحش منه، وأبعد عن الإسلام إلى الشرك؛ فهو لا يألف من النساء كرائمهن العفيفات، إذ هو لا يبالي المعرة، ولا يراعي لنفسه ولا لذريته حرمة، مادام يتخذ الزواج وسيلة إلى قضاء لبانته الجنسية. . . وفي هذا تنفير لذات العفاف أن ترضى عمن عرف بالدعارة زوجاً لها، وإنما تتركه لزوجة من فصيلته الزواني أو المشركات إن استطاع، وتنتظر من الرجال من تشرف بشرفه وتحظى بالحياة معه معافاة في دينها وسمعتها. وكذلك الشأن في المرأة الزانية (. . . والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) فهي مُجرحَة مسخوطة، ومبتذلة مستهجنة؛ فما ينبغي لرجل عزيز على نفسه أن يرضاها، وإنما لها من يشاكلها نزعة وخلقاً، (وحرم ذلك على المؤمنين). الكاملين فلم يبق من سبيل إلا أن يتجه