الرجل في خطبته إلى من تكون حرثاً نقياً له، وتربة طيبة لبذور نسله، وأن تتجه المرأة في خطيبها إلى النبل، أو كرم الطبع، ومحاسن الرجولة؛ ليكون البناء بهما قوياً متماسكا، فيسدا فراغاً في بناء الجماعة الكبرى - الأمة - ويكون لهما - بجانب ما يتوفر من هناءة وطيب حياة - فضل الاشتراك في تكملة الصفوف، وتكثير السواد بما ينجبان من ذرية كريمة المنبت
وهكذا ينصح النبي (ص) إلى الخاطب أن يأخذ بالحزم، ويتفرس في المخطوبة ما يفي برغباته: من شكلها ودينها وأصلها، وما إلى ذلك مما جبلت النفوس على التطلع إليه، ليتوفر الرضا، ويكون المرء بنجوة من نزعات الطمع وخوالج النفس التي تحقَّر ما لدية فيمد عينيه إلى غير ما يملك، ثم لا يكون من وراء ذلك إلا استعاضة لما في حوزته، واكتئابه لما حرم منه، وهو مخدوع بالأماني؛ والأمانيّ والأحلام تضليل
يقول النبي (ص): (إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها - زواجها - فليفعل)
وقال (ص) لرجل من أصحابه كان يخطب امرأة: (أنظرت إليها؟ قال: لا، قال (ص): أذهب فانظر إليها)
وقال (ص) لرجل آخر في شأن كهذا: (أذهب فانظر إليها؛ فإنه أحرى أن يوائم بينكما)
يعني - إذا رأيتها وأعجبتك كان ذلك أدعى لدوام الألفة بينكما. . . فإذا لم يستطع المرء أن ينظر، لمانع قام في سبيله، فمن السنة أن يبعث من النساء من تستوضح له شأن المخطوبة، وتتعرف له ما يعنيه من أمرها. وقد فعل النبي (ص) ذلك، إذ رغب في خطبة امرأة، وأحب أن يعلم عنها ما يرغبه فيها، أو يرغبه عنها؛ فأرسل إليها امرأة ثقة، وأمرها أن تنظر إلى قدميها، وتشم رائحتها. . . وإن يكن هذا حق الرجل في خطبة المرأة، فهو كذلك حق المرأة في اختيار الرجل زوجاً لها؛ لها أن تراه وتتفرس فيه ما يعجبها، ولهما أن يتحدثا ليقف كل منهما على ما يصاحبه من لباقة أو لكنة، ومن نشاط الذهن أو خموده. . . ولكن على أن يكون هذا الاختبار في غير خلوة، بل مع وجود محرم للمرأة. وإن تكرر هذا فليس فيه من حرج إلى أن تطمئن نفس كليهما، وللعرف شأنه في تحديد هذا الاختبار بالقدر الكافي