وقال الأسقف حنا النقيوسي:(لقد تشدد عمرو في جباية الضرائب التي وقع الاتفاق عليها، ولكنه لم يضع يده على شيء من ملك الكنائس، ولم يرتكب شيئاً من النهب أو الغصب، بل أنه حفظ الكنائس وحماها إلى آخر مدة حياته).
وقد ورد في كتاب الأستاذ بتلر (فتح العرب لمصر) في وصف دخول المصريين في دولة العرب: (فقد خرجوا من عهد ظلم وعسف تطاول، وآل أمرهم بعد خروجهم منه إلى عهد من السلام والاطمئنان، وكانوا من قبل تحت نيرين من ظلم حكام الدنيا واضطهاد أهل الدين، فأصبحوا وقد فك من قيدهم في أمور الدنيا، وأرخى من عنانهم. وأما دينهم فقد صاروا فيه إلى تنفس حر وأمر طليق).
وإذا كان قبط مصر قد دخلوا في الإسلام أفواجاً حتى صار الإسلام دين الكثرة في البلاد، فما ذلك إلا ميل الطبيعة نحو وحدة قوم هم بطبيعة حياتهم ذاتها لا يستطيعون إلا أن يكونوا شعباً واحداً متجانساً. ولقد بقيت من القبط بقية عظيمة في دلالتها، عظيمة بما يجري في عروقها من دم مصر القديمة، وإذا كان دينها دين المسيح، ودين سائر أهل مصر الإسلام، فان ذلك لا يفرق بين طائفتين تجمع بينها أسباب الحياة وأواصر الاخوة. وأن الأسماء إذا اختلفت، والمظاهر إذا لاح عليها شيء من التباين، فان الدماء التي تجري في العروق ترجع إلى منبع واحد وجرثومة قديمة شهدت عصور ما قبل التاريخ.