والعبرية متقاربتان كل التقارب. ومن المؤمل أن تؤدي دراسة اللغة العربية إلى إلقاء ضوء جديد على (العهد القديم). وأوغل من ذلك في الأهمية هو الإدراك الجديد لمنزلة اللغة العربية والتاريخ العربي من الوجهة الثقافية. ولقد شهد العصر المتقدم عهد إحياء جديدة للدراسة على أوسع معانيها؛ فشملت الاهتمام الجديد باللغات والدراسات الكلاسيكية، وكان من الطبيعي أن يدرك طلاب التاريخ البشري والمدنية أهمية اللغة العربية العظمى بين تواريخ الإنسان، وأن يعملوا على طلب المزيد من معرفتها. وقد كتب كل من بدويل وكاستل وبوكوك جميعاً مقالات عن أهمية اللغة العربية بصورة عامة، والحاجة إلى أن يدرسها رجال أكفاء
وينبغي أن نذكر أخيراً العلاقات المستجدة في التجارة والسياسة بين إنجلترا والشرق الأدنى، وما أطلقته من مصالح ومناسبات، فبفضل تلك المناسبات أتيح لبوكوك أن يقوم برحلتيه المثمرتين إلى الشرق، وكانت تلك المصالح متسعة الأرجاء ولم تقتصر على رئيس الأساقفة (لور) ولم يكن هو الوحيد الذي اهتم بنشر الدراسات العربية في إنجلترا، والمتبرع بالكرسي الأدبي للغة العربية في اكسفرد
وبالرغم من الاضطرابات التي أحدثتها الحرب الأهلية في نهاية القرن السابع عشر، فإن هذا العصر كان جديراً بالاعتبار، فقد تألفت فيه مراكز للدراسات العربية في اكسفورد وكامبردج، وطبع عدد كبير من الكتب، وأنشئ عالم جديد أنتج فيما تلا ذلك من العصور عدداً متتابعاً من الباحثين المشهورين الذين زادت آثارهم في ثروة الميراث الثقافي لكل من العرب وأوربا، وسنتكلم عنهم فيما يلي من هذه الفصول.