للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ومن له رسم في حضور الموكب؛ فإذا تكامل الناس راسل الخليفة بذاك، فإن أراد أن يأذن الإذن العام، خرج الخادم الحرمي الرسائلي فاستدعى حاجب الحجاب ودخل وحده حتى يقف في الصحن، ويقبل الأرض، ثم يرسم له إيصال القوم على منازلهم، فيخرج ويدعو ولي العهد، إن كان في الوقت ولي العهد، وأولاد الخليفة، إن كان له ولد، ثم يدخل الوزير، ويمشي الحجاب بين يديه إلى أن يقرب من السرير. . . وأدخل بعده أمير الجيش. . . ثم أصحاب الدواوين والكتاب، وأوصل القواد يقدمهم خلفاء الحجاب على مراتبهم ودعوهم، ووقفوا يميناً وشمالاً على رسومهم، ونودي ببني هاشم ومن يلبس الدنيات ويتقلد الصلوات، فيقدمون إلى أول البساط ويسلمون ويقفون مفردين

للدنية أخبار طريفة كانت في أكثرها مدعاة للسخرية منها، والتمثيل بها. فقد روى أبو الفرج الأصفهاني حكاية قال فيها: أخبرنا محمد بن خلف وكيع، قال: كان الخليجي القاضي واسمه عبد الله (بن محمد) ابن أخت علوية المغني، وكان تياهاً صلفاً، فتقلد في خلافة الأمين قضاء الشرقية؛ فكان يجلس إلى اسطوانة من أساطين المسجد، فيستند إليها بجميع جسده ولا يتحرك، فإذا تقدم إليه الخصمان أقبل عليهما بجميع جسده وترك الاستناد حتى يفصل بينهما ثم يعود لحاله، فعمد بعض المجان إلى رقعة من الرقاع التي يكتب فيها الدعاوى فألصقها في موضع دنيته بالدبق وتمكن منها. فلما تقدم إليه الخصوم، وأقبل عليهم بجميع جسده كما كان يفعل؛ انكشف رأسه وبقيت الدنية موضعها مصلوبة ملتصقة، فقام الخليجي مغضباً وعلم أنها حيلة وقعت عليه فغطى رأسه بطيلسانه وقام فانصرف وتركها مكانها حتى جاء بعض أعوانه فأخذها. وقال بعض شعراء ذلك العصر فيه هذه الأبيات:

إن الخليجي من تتايهه ... أثقل باد لنا من طلعته

ما إن لذي نخوة مناشبة ... بين أخاوينه وقصعتهِ

يصالح الخصم من يخاصمه ... خوفاً من الجور في قضيته

لو لم تدبقه كفّ قابضة ... لطار منها على رعيته

(البقية في العدد القادم) - بغداد

ميخائيل عواد

<<  <  ج:
ص:  >  >>