للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فإذا خلا بهم المكان مشوا بها ... وتأبطوها بالمكان الأعمَرِ

فلئن ذعرت طوالهم فلطالما ... ذعرت ومن برؤائها لم يذعرِ

كانوا إذا دلفوا بهن لِمفْضَلٍ ... أمضى عليه من الوشيج الأسمر

كم موسرٍ أفقرته ومفقَّرٍ ... أغنيته من بعد جهد مفقرٍ

ما إن عليك لقيت منهم واحداً ... أوفى العجاج مدججاً في مغفر

لبسوا الطوال لكل يوم شهادة ... ولقوا القضاة بمشية وتبخْتُرِ

ما بي أراهم مطرقين كأنما ... دمغت رؤوسهم بحمى خيْبَرِ

أخبرنا ابن قديد عن يحيى بن عثمان قال: لما عزل ابن أبى الليث ترك الكثير من الشيوخ لباس القلانس؛ منهم أبو إبراهيم المزني سمعت كهمس بن معمر يقول: لما أمر ابن أبي الليث بطرح القلانس لم يثبت على لباسها إلا محمد بن رمح فلم يعارض

أخبرني إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم بن تميم أن النيل كان توقف؛ فاستسقى أهل مصر وحضر بن أبي الليث الاستسقاء، فوثب المصريون بسبب غلاء القمح؛ وأخذوا قلنسوته فلعبوا بها بعدما فعل قلانس أهل مصر بثمانية أيام)

والظاهر أن الدَّنِيَات كان قد ضعف شأنها، وقل استعمالها في بغداد، في المائة الخامسة للهجرة، فقد أشار إلى ذلك هلال ابن المحسن الصابئ (المتوفى سنة ٤٤٨هـ) في عرض كلامه على جلوس الخلفاء وما يلبسونه في المواكب، وما يلبسه الداخلون عليهم من الخواص وجميع الطوائف. قال: (. . . فأما العباسيون من أرباب المراتب، فزيُّهم السواد بالأقبية المولدة والخفاف، ولهم منازل في شد المناطق والسيوف وتقلدها؛ اللهم إلا أن يكون منهم من قد ارتسم بالقضاء، فله أن يلبس الطيلسان. وأما قضاة الحضرة ومن أهل للسواد من قضاة الأمصار والبلاد؛ فبالقمص والطيالسة والدنيات والقراقفات، وقد تركت الدنيات والقراقفات في زماننا وعدل إلى العمائم السود المصقولة)

وكانت الدنيات تبرز في أيام مواكب الخلفاء في بغداد؛ إذ يحضر صنوف الناس على مراتبهم ورسومهم. قال هلال الصابئ: (وإذا اتفق يوم الموكب حضر حاجب الحجاب بأكمل لباسه: من القباء الأسود المولد، والعمامة السوداء، والسيف، والمنطقة، وقدامه الحجاب وخلفاؤهم، وجلس في الدهليز من وراء الستر، وحضر الوزير وأمير الجيش،

<<  <  ج:
ص:  >  >>