٢ - لا يستيقظ المتأثر من سباته إلا بأمر من المؤثر، ولا يستيقظ من تلقاء نفسه ولو قطع اربا.
كيف يحدث هذا التأثير المزمري؟ لا تعرف الآن علة حدوثه على التحقيق، وخير ما يقال في ذلك هو أن الفكرة القوية تثير أمواجا كهرطيسية حادة تنتقل في الأثير، وان المؤثر عندما يحدق في المتأثر يصليه من هذه الموجات شواظا ينصب على مراكز الوعي في مخه فتتخدر. وقد استجدت بحوث تجريبية تشهد لهذا الفرض إلى حد ما، من ذلك ما أذاعه منذ شهور البروفسور فرديناند كازيمالي أستاذ الأمراض العصبية بجامعة ميلانو، من أن موجا كهرطيسياً يتشعع من الجسم البشري عند اضطراب النفس، وانه استقبل هذا الموج بآلة سينمية، فوجده، مما يؤثر في الاشرطة الحساسة.
مهما تكن العلة فالنوم المغنطيسي حقيقة واقعة، وهو أداة خطرة إذا أريد منه الشر والعبث، كما أنه نافع في علاج العادات الذميمة، وشفاء أمراض عصبية ليس سببها تلفا ماديا في الاعصاب.
هذان ظرفان يغيب فيهما العقل الواعي - ظرف النوم الطبيعي، وظرف النوم المزمري - ونود ان نتحدث عن ظرف ثالث، من الناس من تطرأ عليه حالة عصبية، فتعتريه تشنجات، ثم يفقد الحس، ويبدو كنه عقليته تغيرت، فيأتي من الاقوال والافعال ما ليس من عاداته، كان يدلي برغبات لم يكن يبوح بها، أو يوجه عنيف الكلام إلى أهله ومن هم موضع احترامه، ويحتج على إهانات تافهة لحقته ولا يكاد يذكرها أحد، ثم ينتفض فيعود إلى نفسه، ويدور بعينه فيما حوله ومن حوله، لا يدري ما حدث، ولا يذكر حرفا مما قيل.
تشاهد هذه الظاهرة، وتفسيرها سهل، لأن كل ما يلفظ المريض من قول لا يتعدى سابق اختباراته، والطبيعي من رغباته، فالمسألة إذن ثورة داخلية، يتغلب فيها العقل الباطن على العقل الواعي، ويحكم برهة حكم طيش واضطراب، ثم يهبط ثانية إلى مستقره، ويعود العقل الواعي من غيبته. هذه الظاهرة مرض عصبي، يضمه الطب إلى أنواع الهستيريا، وسببه رعب أصاب الشخص في طفولته أو نحو ذلك، فاختل التوازن بين قوى أعصابه، وغدا عقله الواعي مزعزع السلطان.
تلك حالات ثلاث يغيب فيها العقل الواعي. ولكن الحال الثالثة (الهستيريا) ليست من