الكثيرة، ولا يضبطها إلا العلم المفصل بالقواعد والقوانين، وسأضرب مثلاً (لا) العاملة عمل إن، فإن شرط عملها هذا العمل
١ - أن تكون نافية
٢ - وأن يكون المنفي الجنس
٣ - أن يكون نفيه نصاً
٤ - ألا يدخل عليها جار
٥ - أن يكون اسمها نكرة
٦ - أن يكون متصلاً بها
٧ - أن يكون خبرها نكرة - فإن كانت غير نافية رفع ما بعدها، وإن كانت لنفي الوحدة عملت عمل ليس نحو لا رجل قائماً بل رجلان، وإن دخل عليها الخافض خفض ما بعدها نحو جئت بلا زاد، وإن كان الاسم معرفة أو منفصلاً منها أهملت نحو لا الدار دار ولا الجيران جيران، ونحو لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون
هذه أحكام كثيرة ولا يسعف بها إلا معرفة القواعد، فأما الملكة فلا تستطيع الاهتداء إلى هذه التفاصيل
ونحن نقول لهذا القائل إنك أسأت الظن إذ ظننت أن الملكة لا تهتدي إلى الفروق الخفية والمداخل المتشعبة، أنها أهدى من القطا، وإن الإنسان يطمئن إليها في الهداية إلى ما يشتجر من الأحكام. إنها تهدي المرء إلى الصواب الجاري على القواعد وإن لم يعرف القواعد. أنظر إلى الهمزات في علم الرسم كيف يكتب المرء يئد على ياء، ويأمن على ألف، ويؤمن على واو، تهديه ملكته التي اكتسبها بالمرانة والتكرار وإن لم يعلم القاعدة أو لم يستحضرها
وكذلك الألفات ما يكتب منها ألفاً وما يكتب منها ياء، فيكتب المرء رمى بالياء ودعا بالألف كأن في منطقة اللاشعور فينا عالماً يعلم أن رمى أصلها الياء فتكتب ياء، ودعا أصلها الواو فتكتب ألفاً، ويكتب أغزى بالياء كأن عالماً فينا يعلم أنها وإن كان أصلها الواو إلا أنه لما قيل فيها أغزيته كتبت ياء
يعجب المرء كيف تهدي الملكة إلى الحق كأنما تستملي من قواعد مكتوبة، وتمتاز الملكة