والبؤس والمرض والموت، أو تصوير ما يضحك بذاته من شخصيات الحشاشين والفلاحين و (البرابرة)، وكل ذلك في إخراج ينسجم في قبحه واضطرابه مع سخف الرواية وضعف التمثيل
أما فلم (رصاصة في القلب) لواضعه الأستاذ توفيق الحكيم، وممثله الأستاذ محمد عبد الوهاب، ومخرجه الأستاذ محمد كريم، فشيء آخر يختلف في لهوه وجوه وفنه. هو قطعة من المرح الرقيق الرفيق العذب، فيه الفكاهة وليس فيه الإسفاف، وفيه النشوة وليس فيه العربدة. رواية طريفة الموضوع فنية الوضع مطردة الحوادث هادئة السياق؛ وتمثيل طبيعي الحركات منسجم الأشخاص بارع المواقف؛ وإخراج قام على فهم روح المؤلف وإدراك طبائع الممثلين، فرتب المشاهد، وحرك الأشخاص، وسلسل العمل، على نظام عجيب من الفن جعل كل شخص وكل شيء في هذا الفلم قائماً بعمله المطلوب، وموضوعاً في موضعه الحق
ولعل أعجب ما في هذا الفلم أن عبد الوهاب الممثل كاد يطغى على عبد الوهاب الموسيقار! فقد كان الجمهور مفتوناً برشاقة حركاته وعذوبة كلماته وصدق تمثيله، حتى كان انتظاره للقطع الغنائية على روعتها وجمالها في هذا الفلم أقل منه في الأفلام السابقة. وربما كان مرجع ذلك أيضاً إلى أن روح الفنان التمثيلية غلبت على روحه الموسيقية، فمذهبه الحديث في التلحين يغلب فيه تمثيل العواطف والمواقف بالنغم المعبر، دون أن يكون للقرار تلك النغمة الخاصة التي كانت تشق الحناجر بالهتاف وتدمي الأكف بالتصفيق.
وجملة القول أن (رصاصة في القلب) فصل جديد في تاريخ النهضة السينمائية المصرية يسمح للذين قاموا على إنتاجه وإخراجه أن يضعوه يوم المنافسة بجانب الأفلام الأمريكية من غير تهيب ولا تردد.