لمستشرق إيطالي يدعى (لئونا كايتاني) سماه (التاريخ الإسلامي)، والتعليقات على الكتابين الأول والثالث تعليقات من وجهة نظر تعد إسلامية بحتة، وقد ذكرنا شيئا كثيراً عن معتقدات الأستاذ الرصافي الذي لا يفهم معنى للآية: لا إله إلا الله. . . ويرى الصحيح أن يقال: لا إله إلا الوجود. وينكر الوحي على الصورة التي يؤمن بها المسلمون، وينكر أن القرآن كلام الله. ويكرر عبارة. . . قال محمد في القرآن، في معظم صفحات كتابه، ثم ينكر البعث على صورته الإسلامية، وينكر الحساب والثواب والعقاب، ويؤولها تأويلاً سخيفاً مضحكاً أشرنا إليه فيما كتبنا من قبل. ويؤمن - كما ننقله بحروفه من مقالنا الثاني (العدد ٥٧١) - بوحدة الوجود فيقول:(أن البحث والتفكير قد ألجآني إلجاء لا محيص عنه إلى بوحدة الوجود (ص١١)، وأن الله هو الوجود المطلق اللانهائي (ص١٣)، ويدعي أن كل شيء في هذا العالم جزء من الله، أو أن المخلوقات (مظاهر للوجود الكلي) كمظاهر الأمواج لماء البحر المائج، (وقد فاتنا أن نذكر هذا التشبيه ليس من اختراع الرصافي، بل إنه من أخذه عن شيخه التلمساني أحد القائلين بهذا الإفك - ولا يؤاخذنا الأستاذ زكريا - (كتاب الحجج النقلية والعقلية للعلامة ابن تيمية ص٧٩)، وهذه هي وحدة الوجود التي يؤمن بها الرصافي، الله هو العالم والعالم هو الله، وأن ممن قال ذلك في القرآن في سورة الحديد:(هو الأول والآخر والظاهر والبطن وهو بكل شيء عليم)؛ فإن هذه الآية تدل بمفهومها دلالة صريحة على أن لا موجود إلا الله. . . هو الأول الذي ليس له بداية، والآخر الذي ليس له نهاية، وليس معنى هذا إلا أنه هو السرمدي اللانهائي، وهو الظاهر الذي نراه بأعيننا وندركه بحواسنا، (أي نراه ونشمه ونسمعه ونذوقه ونحسه، ولا أدري ماذا أيضا!) والباطن الذي لا نراه ولا ندركه، وليس معنى هذا إلا أنه هو كل شيء، وأنه لا موجود غيره. ونحن إذا أخذنا صفو المعنى من عبارة الآية قلنا بأن الله هو الوجود الكلي المطلق اللانهائي، وأنه لا موجود غيره. هذه هي وحدة الوجود التي هي أساس مذهب التصوف وهذا منشؤها) (بحروفه من الرسائل ص١٣)
وقد فرع الرصافي من هذه النظرية كل ما ذهب إليه من إنكار من صميم العقائد الإسلامية التي تخرج منكرها من حظيرة الإسلام، ثم فرع منها تساوي المتضادات، فالخير مثل الشر، ومصيرهما واحد، والتقى مثل الدعارة، والكفر مثل الإيمان، والأبيض مثل الأسود،