والعقل مثل الجنون، وتفكير العلماء مثل تخريف الجهلاء المخرفين، ولا فرق بين فضيلة ورذيلة. والمغفل لهذا السبب، هو الذي يحرم نفسه من لذة أتيحت له، سواء أتاحها له الرحمن أو هيأها له الشيطان. . .
والأستاذ الفاضل معروف الرصافي، يدعونا في آخر كتابه إلى الأخذ بآرائه هذه، ويعزو غفلة المسلمين وتأخرهم إلى التمسك بحرفية الإسلام وعدم تأويله كما تزخرف له الأباطيل التي فرعها عن تلك النظرية. وقد ذكرنا في مقالنا الأول، كما ذكرنا في مقالنا الأخير أنه لولا هذه الدعوة لأهملنا الرد على ترهاته إهمالا تاما. . . لأننا لسنا موكلين بإفهام الناس، ولا جعلنا الله قوامين على حرية الفكر
من هذا يرى أستاذنا الفاضل المحبوب نقولا الحداد أن القضية قضية إسلامية، زعم الرجل المسلم الذي أثارها - أنها من تفكير رسول المسلمين، وأن متصوفة المسلمين هم الذين أذاعوا بها ونشروها، مما اضطرنا إلى نقض هذا الزعم بإثبات وجودها في الفلسفة اليونانية. . . في ذلك المقال الذي لا أدري والله كيف زاد النظرية غموضاً
ومن هذا يرى أستاذنا الفاضل المحبوب نقولا الحداد، أننا قوم مسلمون، قام فينا رجل ينقض لنا معتقداتنا، ويزعم لنا أن الحمير والبغال والجمال والحمام والبط والإوز والهوام والضفادع وكل ما يدخل فيها ويخرج منها هو جزء من الله الذي نعبده ونؤمن به. . . وأننا نستطيع أن ندرك هذا الإله فنراه ونشمه ونتذوقه ونسمعه ونحسه ونأكله ونشربه ونلفظه ونبني به بيوتنا غرفها وجميع (مرافقها!) فننام فيه ونخرج منه - ولا نخرج منه إلا إليه! - ثم يأتي يوم فنهدمه!
أفأن زعم لنا هذا الرجل تلك المزاعم، وزعم لنا أن رسولنا الكريم هو صاحب هذا اللغو. وأن ما نؤمن به من إله قدير خلق هذا العالم ولا يعقل أنه هو. . . أو هو إياه! - باطل أوقعنا فيه قصر نظرنا. ثم غلا بعد ذلك فهدم المعايير الأخلاقية بقوله في تساوي المتضادات. . . فهل يوافق أستاذنا الجليل المحبوب، (نقولا حداد) على ترك هذا الإفك، يسمم عقول المسلمين، وإغفال تلك الأراجيف تعبث بالفضائل التي يحثنا عليها ديننا الكريم القويم؟!
لست أدري لماذا أوجه هذا الحديث كله إلى الأستاذ نقولا الحداد، ولا أوجه شيئا منه إلى