الكاتب الأديب الفاضل الأستاذ زكريا إبراهيم (الليسانس في الآداب والفلسفة بدرجة الشرف الأولى) الذي طالما أثنيت على رقائقه الجميلة لأستاذنا الزيات، شفاه الله وعفاه، وحفظه للأدب والدين، وإن أنكر الرصافي المغوار فائدة الصلوات والأدعية
لست أدري لماذا لا أوجه شيئا من هذا الحديث إلى أخينا الأستاذ زكريا؟! ألكونه جعلنا في كلمته الطيبة من العوام الذين يرمون الناس بالإلحاد ويمنحونهم ألقابه التي لا تكلفهم شيئا؟ أم لكونه جعلنا نكرة حيث تفضل علينا بتلك الإشارة العظيمة الكيسة التي سوف تكسبنا الخلود! لا هذا ولا ذاك. . . فنحن مع ذلك نعترف بقيمة ما قرأناه لهذا الأديب المفكر المهذب، ولكننا بالرغم من حسن رأينا فيه، نصر على توجيه السؤال التالي إليه:
أيؤمن حضرته بأن هذا العالم غير موجود؟ وبما انتهى إليه ابن عربي من أن العالم متوهم ما له وجود حقيقي، لأنه ليس ثمة غير حقيقة واحدة لا تتكثر ولا تتغير، وهذه الحقيقة الواحدة هي الله أو الحق، وأنه ما ثم إلا الله الواجب الوجود، الواحد بذاته. . . الخ؟
أيؤمن حضرته بأن هذه الأرض التي نعيش فوقها وهي تسبح بنا في السموات وهم في وهم، وأن الشمس التي تنير لنا ظلمات البر والبحر، وهم في وهم، وأن كل شيء من هذه المدركات وهم في وهم، حتى الأستاذ زكريا نفسه وهم في وهم، وأن ليسانسيه الآداب والفلسفة بدرجة الشرف الأولى التي حصل عليها بعد أن أذاب بصره وصهر مخه وهم في وهم، وأن أساتذته المحترمين المبجلين وهم في وهم، وأن البطيخ اللذيذ البارد الذي يطفئ حر الظمأ في هذا الصيف القائظ وهم في وهم، وأن باعة هذا البطيخ الذين يشتطون في ثمنه هذه الأيام وهم في وهم؟!
أيؤمن حضرته بأن جدار غرفته التي يقرأ فيها كتب فلسفاته وهم في وهم، وأنه لو نطح برأسه هذا الجدار لما سال الدم منه لأن الجدار وهم في وهم، ولأن رأسه وهم في وهم، وحتى لو فرض أن سال الدم، فالدم وهم في وهم؟! ما هذه الفلسفة يا عالم؟! ولماذا يعز عليكم أن نصف هذه الفلسفة بأنها إفك وأنها تنطوي على كثير من الأراجيف؟ ولماذا يكون من قلة الإنصاف أن نحكم على الفلسفة باسم الدين، ما دامت هذه الفلسفة كما رأى الأستاذ زكريا تحاول نقض ديننا الكريم القويم، ومادامت هذه الفلسفة تدعونا إلى ذلك التدهور الأخلاقي والتحلل من جميع الآداب؟ أيؤمن الأستاذ الفاضل زكريا إبراهيم بتساوي