للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الواحد، أو كالجسد والروح في الكائن الحي.

وفي الكتاب صفحات من خطرات الفكر، ووثبات الغريزة، وسبحات الروح، ووسوسة الضمير، ونزوات اللحم والدم، وصراع القوى البشرية في النفس الواحدة يقل نظيرها في كل ما سجله الأدب العربي الحديث.

والمهم ليس هو التماع هذه الصفحات في الكتاب. ولكن تناسق العمل الأدبي كله في مبدئه إلى نهايته، في مستوى متقارب من النبض والحرارة والالتماع والنضوج.

لقد أدركت بعد قراءة الكتاب خطورة الأحكام النهائية على المعاصرين. فلقد أعد بحثاً عن (المدارس الأدبية المعاصرة) وكدت أنتهي إلى حكم قاطع في فن توفيق الحكيم وطبيعته وطريقته. . . فهاأنذا أجدني في حاجة إلى تعديلات أستعد حيثياتها من (الرباط المقدس). وإلا فما كان أدراني أن في طاقة المؤلف بلوغ هذا الأفق الجديد. وإن كل ناقد يحترم نفسه يكون قد أصدر حكما سابقاً على توفيق الحكيم يجب أن يعاود حكمه فيتناوله بالتعديل!

القصة قصة امرأة تخون، امرأة منحرفة، تدعوها نوازع اللحم والدم فتستجيب، وتغريها بدعة العصر في التحلل من القيود فتفلسف السقوط بالحرية والتجديد، وتنظر إلى ما تسميه (مغامرة) نظرتها إلى أمر يومي صغير، لا يجوز أن يحطم عشا ولا أن يحدث ضجة؛ ثم تسخر ما شاءت لها السخرية من رجعية الرجل ومن أنانيته لأنه يتطلب فراشا نظيفا وذرية مضمونة!!!

وقصة رجل مستقيم الفطرة تربى في إنجلترا، ولكنه لم ينحل، وعرف كيف يؤدي حقوق الزوجية كاملة. ولكن في حدود الفطرة السليمة. فضاقت المرأة المنحرفة بهذه الحدود.

وتاقت نفسها إلى (المغامرة) اللذيذة، والاستجابة الممنوعة.

وهي تصف في مذكراتها لحظات هذه الاستجابة وصفا حسيا عنيفا. تصفها كما وقعت محوطة بالوهج واللهب، مغلفة باللذة الحيوانية الهائجة، غارقة في بحران الغيبوبة. . . فإذا وقعت هذه المذكرات مصادفة في يد الزوج الواثق المسكين كانت المفاجأة التي تهد القوى وتذهل اللب، وتمسخ كل لحظة من لحظات الماضي، فتحيلها غولا لئيما يعذب فريسته بالسخرية اللاذعة قبل أن ينقض عليها ليمزقها شر تمزيق!

والقصة بعد هذا كله قصة (راهب الفكر) الذي رأى هذه المرأة أول مرة فرفعها إلى مصاف

<<  <  ج:
ص:  >  >>