من ابن جبلة مدحاً في أبي دلف، حتى لقد اشتدت به الحفيظة يوماً حين سمع قول هذا الشاعر في ذاك الأمير:
كل من في الأرض من عرب ... بين بادية إلى حضره
مستعير منه مكرمة ... يكتسبها يوم مفتخره
وحق للمأمون أن يغضب، فإن مدح الحكام والوزراء والأمراء جائز على شرط ألا يكون فيه انتقاص للملوك أنفسهم، أو إغفال لشرف أقدارهم
كان أبو دلف أريحياً يهتز للعطاء إذا وهب، ويطرب للشعر إذا سمع، وكان فيه شاعرية فياضة بلغت حد الارتجال في موقف العجلان، وتلك بديهة منه لم تفسدها العجلة ولم تعوزها الأناة، فقد أجاد حتى على حال الارتجال
ولقد كان أروع ما في هذين الأميرين مروءة ونجدة، وشهامة ونخوة. وفي تاريخ الأمة العربية إمارات وأمراء. وهي بلا شك لا تخلو من مواطن كريمة للمثال الكريم. ومن يقلب تاريخ هؤلاء الأمراء يجد فيهم ما يسر ويعجب
وفي نشر محمدة واحدة ما يغني عن المحامد، وفي شاهد واحد ما يجزئ عن مئات الشواهد