بالطقوس والشرائع، وصنف امتلأ قلبه وفاض بحب الله. ولابن العربي كلمات تشبه هذه الكلمات. وقد نسب ابن تيمية إلى أحد المتصوفة وهو التلمساني من تلامذة ابن عربي هذا القول:(القرآن كله شرك وإنما التوحيد في كلامنا) على أن ابن تيمية من أعداء الفلسفة والتصوف ويجب أن ننظر إلى كلامه بشيء من التروي على ما اعتقد والحذر.
ونسبت إلى نفر من المتصوفة بعض الأقوال التي لا تلتئم مع ما هو مألوف. مثل قول حافظ:(اتركوا الاثنين والسبعين فرقة لأنها لا ترينا الحقيقة، ولأنها تستمد وحيها من وحي الشياطين.
ونسب إلى أبي سعيد أبي الخير قول يشبه هذا القول فقد قيل أنه قال: (ما دانت المساجد والمدارس باقية لا تتطرق إليها أيدي البلى فإن عمل الدراويش لا يتم. ومادام هناك مؤمن وكافر فإنه لا يمكن أن يظهر على سطح الأرض مسلم حقيقي أبداً)
وفي أقوال أبي سعيد وأشعاره مواضع أخرى تشير إلى هذا النوع من التفكير الحر. وهذه الأقوال ولاشك هي التي أثارت غضب بعض العلماء عليه أمثال ابن حزم الظاهري والمؤرخ الشهير الحافظ الذهبي ولهذا السبب عينه قال عنه المستشرق نيكلسون في كتابه (التصوف الإسلامي) وفي الفصل الذي عقده عنه في (دائرة المعارف الإسلامية) بأنه يمثل الآراء الحلولية المتطرفة التي جاء بها بايزيد البسطامي المتوفي عام ٢٦١ للهجرة (٨٧٤م) تلك الآراء التي يمتاز بها متصوفة الفرس بوجه عام. ولسنا بحاجة إلى أن نزيد أن أبا سعيد كان ينظر إلى الإسلام وغيره من الأديان المنزلة نظرة احتقار) وهو قول ردد صداه المستشرق الفرنسي لويس ماسليون والمستشرق الإنجليزي إدوارد براون وأغلب المستشرقين المشتغلين بموضوع التصوف. على أن من باب الحق والمنطق أن نقول بأن جماعة كبيرة من العلماء كانوا يثنون عليه ويذكرونه ذكراً جميلاً. أمثال: السبكي صاحب كتاب طبقات الشافعية الكبرى والسمعاني في كتابه الأنساب وفريد الدين العطار في كتابه تذكرة الأولياء وأمثالهم؛ وقول هؤلاء طبعاً قول مقبول محترم لا يمكن أن يرد بأي حال من الأحوال.
أما أنصار التصوف وأصحاب مبدأ (حسن الظن من الإيمان) فإنهم يعتذرون عن هذه الأقوال ويفسرونها تفسيراً فيه حسن ظن ورجاء، ويجاوزن عنها ويرجئون أمرها إلى الله،