وسكونها. وأما جمال التمثيل فيظهر بقليل من الظل يحدثه بإبهامه. وكان يبدو عليه وهو يدرس الرسوم كأنه يرجع بذاكرته مرة أخرى إلى المثل الحية التي أخذ عنها تلك الرسوم وعند ذلك صاح:
(آه يا لجمال أكتاف هذه المرأة! بالها من متعة عظيمة وما أجمله من منحن كامل الحسن! إن رسمي أثقل مما يجب. لقد حاولت كثيراً ولكن!! أنظر. هاهي ذي محاولة أخرى لنفس المرأة. إنها أقرب شبهاً بها. ومع ذلك!
(ثم أنظر إلى نحر هذه، وإلى ملاحة هذا الخط الممتلئ المحبوب. إن له رشاقة لا تشوبها شائبة.
وهنا سألته:
(يا أستاذ أمن السهل العثور على مثل جميلة؟) فقال:
(نعم) فقلت: (إذا فالجمال ليس في فرنسا.) فقال:
(كلا. إني أقرر لك ذلك.) فقلت: (ولكن خبرني. ألا تظن أن الجمال القديم يفوق جمالني الحديث، وأن النساء العصريات يقصرن عن أن يداين أمثال أولئك اللاتي أخذ عنهن فيدياس) فأجاب: (كلا، البتة.) فقلت (ومع هذا فجمال وكمال تماثيل زهرات الإغريق. . .) فقال: (كان لفناني ذلك العصر أعين يرون بها. أما فنانونا المعاصرون فعمي لا يبصرون. وهذا كل ما هنالك من فارق. كانت النساء الإغريق جميلات، ولكن ترعرع جمالهن قبل كل شئ في أذهان المثالين الذين نحتوهن. توجد اليوم نساء مثلهن تماماً وعلى الأخص بجنوب أوربا. فمثلاً ينتمي الإيطاليون المحدثون إلى نفس النوع الذي انتمت إليه مُثُل فيدياس. وأخص ما يميز هذا النوع هو اتساع الأكتاف والأرداف اتساعاً متساوياً) فقلت: (ولكن ألم تؤثر غزوة البرابرة في مستوى الجمال القديم بما نجم عنها من اختلاط في الجنس؟) فقال: (كلا. حتى إذا افترضنا أن البرابرة كانوا أقل جمالاً وتناسباً من جنس البحر المتوسط - وهذا محتمل - أقول حتى إذا افترضنا هذا فإن الزمن قد محا محواً تاماً كل عيب نشأ عن امتزاج الدم، وأعاد الانسجام إلى أجسام النوع القديم مرة أخرى. وإذا ما امتزج الجميل بالقبيح فأغلب الظن أن الغلبة تكون للجميل في النهاية. إن الطبيعة لتتجه دائماً أبداً - بقانون سماوي - وجهة الأحسن والأصلح، وتنحو ناحية الكمال بلا توقف.