من سوريا الشمالية عليه. وفي هذه الفترة حفرت قناة السويس فعادت طريق التجارة إلى مصر. ومن الحرب الكبرى نرى أن سيارات الصحراء والمواصلات الجوية حولت قسماً من التجارة إلى سورية وفلسطين والعراق. ولكن مهما تأرجحت طريق التجارة نجدها دائماً بين أيدٍ عربية - مصر من جانب، وبلاد الرافدين (الجزيرة) من جانب آخر.
إن أهمية البلاد العربية لا تنحصر في كونها ممراً بين أوربا والشرق فحسب، بل لأنها أيضاً الجسر البري الوحيد إلى أفريقيا. ولقد مر كثير من الجيوش المغيرة عن طريق سورية - فلسطين - سينا إلى أفريقيا. لقد حاول الفراعنة احتلال سورية عن هذه الطريق، ومنها انحدر الاسكندر لاحتلال مصر، والرومان يوليوس قيصر - أوغستين مرا من هذه الطريق. ومنها خرج العرب إلى أفريقيا بعد قطع سينا وسار الصليبيون إلى مصر، كما أن حملة أخرى منهم نزلت مصر للسير منها إلى فلسطين. وقد هاجم نابليون مصر لفتح آسيا. وفي الحرب العالمية السابقة نرى كيف سار الأتراك لمهاجمة مصر، وكيف دخل الإنكليز فلسطين عن طريق سينا. إن الأقطار التي نتحدث عنها حافظت على أهميتها الدولية السياسية أكثر من أي قطر آخر في العالم. لهذا يمكننا القول بأن أهمية هذه الأقطار ترجع لكونها الممر إلى الشرق الأقصى أولاً. ولأنها الجسر البري الوحيد لأفريقيا ثانياً.
العوامل الجغرافية الداخلية
إن جغرافية هذه الأقطار الداخلية لا تقل أهمية عن جغرافيتها الخارجية. وعندما أتكلم عن البلاد العربية الشمالية أعني (سورية وشرق الأردن وفلسطين والعراق. والنصف الشمالي من جزيرة العرب) فإذا ألقينا على خريطة هذه البلاد نظرة نجدها تشكل مثلثا رأسه حلب يخترق ضلع المثلث سورية وشرق الأردن وفلسطين وشمالي الحجاز، كما يخترق الضلع الآخر العراق حيث ينتهي برأس الخليج الفارسي، وتمتد قاعدته من البحرين حتى المدينة المنورة. أما قلبه فهو الصحراء. إن القسم الأهم من تاريخ هذه الأقطار يرتكز على هذا التكوين الجغرافي الخاص فضلا عن كون الصحراء فرقت هذه البلاد، فقد وضعت سورية والعراق على اتصال بالبلدان الخارجية (استعمل الآن كلمة سورية لأعني الأقطار المعروفة الآن بسورية وفلسطين وشرق الأردن)، وهذا ما جعل هذين القطرين عرضة للمؤثرات الخارجية، وبقيت حضارة نجد والحجاز - فقط - حضارة عربية محضة. وكانت نتيجة