بتلك القاعدة شرعت أحكام كثيرة، روعيت فيها طبيعة الإنسان، وقوة احتماله، وما يناسب غرائزه وجبلته وقدرته: فلم تجب الزكاة إلا إذا بلغ المال نصابا، ولم يجب إلا جزء يسير منه كربع العشر، وكره أو حرم الطلاق والمرأة حائض، حتى لا تطول عليها العدة، ووجب على الحائض قضاء الصوم دون الصلاة، رفعا للحرج، وفرض الحج في العمر مرة: نقل العلامة أبو السعود عند تفسير قوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) أن عليا رضي الله تعالى عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله كتب عليكم الحج، فقام رجل من بني أسد يقال له عكاشة بن محصن، وقيل هو سراقة بن مالك، فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه، حتى إعادة مسألته ثلاث مرات، فقال رسول الله: ويحك! وما يؤمنك أن أقول نعم؟ والله لو قلت نعم، لوجبت، ولو وجبت ما استطعتم. . . فاتركوني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بأمر فخذوا منه ما استطعتم، إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه). وعلى هذه القاعدة انبنت جميع رخص الشرع وتخفيفاته. وللكثرة الكثيرة المتفرعة عليها من أحكام الفقه ومسائله قيل إنه يرجع إليها غالب أبواب الفقه.
وقد ذكر العلماء للتخفيف أسباباً، ومنها:
١ - المرض، ومما يتعلق به جواز التيمم للمكلف عند الخوف على نفسه، والقعود في صلاة الفرض، والفطر في رمضان، والإنابة في الحج بشروطه، وإباحة محظورات الإحرام في الحج مع الفدية، وإباحة النظر إلى العورة للطبيب.
٢ - السفر، ومما يتعلق به قصر الصلاة الرباعية، والفطر في رمضان، وترك الجمعة والعيدين.
٣ - العسر وعموم البلوى: كوجوب الصوم شهراً في السنة، والحج في العمر مرة، ووجوب ربع العشر فقط في الزكاة تيسيراً - على ما سبق ذكره - وأكل الولي أو الوصي من مال اليتيم بقدر أجرة عمله، وإباحة النظر للمرأة عند الخطبة، ومن ذلك مشروعية الطلاق لما في البقاء على الزوجية المشقة والعنت عند تنافر الأخلاق، وتعذر المعاشرة بالمعروف، ومشروعية الوصية عند الموت ليتدارك الإنسان ما فاته من البر في حال