حياته، ونفذت في الثلث دون ما زاد عليه دفعاً لضرر الورثة، حتى إذا لم يكن هناك وارث نفذت ولو كانت بكل المال. ومن التيسير في عموم البلوى إسقاط إثم الخطأ عن المجتهدين، والاكتفاء منهم بالظن، إذ لو كلفوا الأخذ باليقين لشق عليهم الوصول إليه.
٤ - النقص، وهو نوع من المشقة، لأن النفس مجبولة على حب الكمال فناسب التخفيف في التكليف. ومما ترتب على ذلك عدم تكليف المجنون والصبي، وعدم تكليف المرأة بعض ما يجب على الرجل، كالجهاد إذا لم يكن النفير عاماً.
وفي معنى القاعدة المتقدمة قول الشافعي:(إن الأمر إذا ضاق اتسع)، وقول أئمة الحنفية: التسهيل يراعى في مواضع الضرورة والبلوى العامة.
هذا التيسير في التشريع، وهذه الرخص التي أتت بها الشريعة تخفيفاً على العباد في مواطن الحرج والمشقة - إحدى مزايا الإسلام وتشريعه مما يعد آية على أنه جاء رحمة للعالمين.
- ٧ -
مراعاته مطالب الجسد والروح
كذلك من مزايا التشريع الإسلامي توفيته بمطالب الجسد والروح معاً في حدود الاعتدال، فهو وسط جامع لحقوق الجسد والروح، ومصالح الدنيا والآخرة، (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس، ويكون الرسول عليكم شهيدا).
فالإسلام بتعاليمه، ووصاياه وتشريعاته - جعل المسلمين وسطا بين الذين تغلب عليهم الحظوظ الجسدية، والمنافع المادية، وبين الذين تغلب عليهم التعاليم الروحية، وتعذيب الجسد، وإذلال النفس، كما يتجلى ذلك مما أسلفنا ذكره وبيانه في المميزين الرابع والسادس، وتلك مزية أخرى من مزايا الإسلام وتشريعه، تشهد له بمراعاته الفطرة الإنسانية السليمة، وبتحقيقه مصالح العباد، وتهيئة أسباب السعادة لهم في الدنيا والآخرة.