فأمهلني قليلا فقال: ما تصنع عندي؟ قلت: ما يصنع غيري. قال: لست كغيرك، لا تجلس إلي، قلت ولم؟ قال: لأني رأيتك مع إنسان خوزي سرق مني قطيفة. فانصرفت وتحملت عليه بإخوانه، فلما جئته قال لي: أدب نفسك أو لا ثم تعلم الأدب. قال المبرد: الأمر من هذا باللام، ولا يجوز غيره لأنك تأمر غير من بحضرتك كأنه ليفعل هذا.
قلت:(أعن بالأمر) بفتح النون لا ضمها. وما ذهب إليه أبو العباس هو الأكثر. في اللسان: قال البطليوسي: أجاز ابن الأعرابي عنيت بالشيء أعني به فأنا عان وأنشد:
عان بأخراها طويل الشغل ... له جفيران وأي نبل
وفي التاج: عن فلان بحاجته بالضم أي مبنياً للمفعول عناية بالكسر، وهذه اللغة هي المشهورة التي اقتصر عليها ثعلب في فصيحه ووافقه الجوهري وغيره، ويقال أيضاً: عني بحاجتة كرضى وهو قليل، حكاه جماعة منهم ابن دستورية وغيره من شراح الفصيح والهروي في غريبيه قاله شيخنا.
قلت: قال شيخنا في المقامات العلائية (الفصول والغايات) عبقريته النثرية ص ٣٠:
أعْننيِ رب، وأعني واعن بي حتى تغنني عن أمي وأبي).
وقد اقتضى التلاؤم أو الموسيقية - كما يسمى ذلك العلامة الأستاذ أمير النثر - أن يؤثر نابغة الأدب العري القليل في الاستعمال في هذا المقام على الكثير، والموسيقية هي في الفظة وفي الجملة. وأبو العلاء أدرى الناس بصحة الألفاظ واعتلاها.
في القسم - ١٧ - رويت قول حسان:(تسقي الضجيج ببارد بسام) كما نقلوا، وعندي أنها (تشفي) لا تسقي.