لو لم أكن في رتبة أرعى لها ... العهد القديم صيانة للمنصب
لهتكت ستري في هزاك ولذ لي ... خلع العذار ولو ألح مؤني
لكني خشيت بأن يقول عواذلي ... قد جن هذا الشيخ في هذا الصبي
فارحم فديتك حرقة قد قاربت ... كشف القناع بحق ذياك النبي
لا تفضحن بحبك الصب الذي ... جرعته في الحب أكدر مشرب
وله فيه شعر كثير جدا.
ومن شعر محمد بن داود الظاهري، وكان فقيهاً على مذهب أبيه داود وكان شاعراً:
أنزه في روض المحاسن مقتلي ... وأمنع نفسي أن تنال محرما
وأحمل من ثقل الهوى ما لو انه ... يصب على الصخر الأصم تهدما
ومن شعر أبي الفضل الحصكفي الفقيه الشافعي:
أشكو إلى الله من نارين: واحدة ... في وجنتيه وأخرى منه في كبدي
ومن سقامين: سقم قد أحل دمي ... من الجفون وسقم حل في جسدي
ومن نمومين: دمعي حين أذكره ... يذيع سري وواش منه بالرصد
ومن ضعيفين صبري حين أبصره ... ووده ويراه الناس طوع يدي
لو ابتغيت الاستقصاء، وتتبعت المراجع، لجمعت من غزل الفقهاء كتابا، فأين بعد هذا يزعمون أن الفقهاء كرهوا الشعر، وتنزهوا عنه؟
أما إنها لم تفل ألسنة علمائنا، ولم تكل أقلامهم، ولم تخفت أصواتهم، إلا حين أضاعوا ملكة البيان، وزهدوا في الأدب، وحقروا الشعر. . . فهل لعلمائنا العودة إلى ما هم أخلق به، وأدنى إليه، وأقدر لو أرادوه عليه؟!
وردت في المقال المنشور في العدد الماضي كلمتان في أبيات سعيد بن المسيب على غير وجههما الصحيح وهما:
وعلّت فتات المسك، وقامت ترائي يوم جمع، وصوابهما: وعالت، وتراءَى.
علي الطنطاوي