وتتبعوا الأثر إلى أن قادتهم أقدامهم إلى غرفة فهيم، وكان منهم ما كان. . .
قال الممرض إلى جاره الذي أخل بشروط العزوبة:
- نحن جيران يا أخي منذ خمس سنوات، وهل قصرت معك في شيء؟ هل طلبت يوماً روحي ولم أضعها تحت تصرفك؟
وقال بائع الخضار: يا فهيم. . . إنني أعهدك صريحاً فلو أطلعتني منذ الأمس على قصدك لكنت مددت لك يد المعونة، ولسترت عليك الأمر، ولما درت هذه الكف ما تفعله الكف الأخرى.
وتقدم بائع الألبان مزمجرا والهراوة في يده وقال: وحق من بسط الأرض، ورفع السماء، إن لم تقبلنا في سهرتك هذه، لأنثرن دماغك في جنبات هذه الغرفة!. . .
أما المسكينة فكانت تسمع ولا تفقه، لكنها أدركت إنها بيت القصيد، وإنها قد وقعت في الفخ.
ولما رأى فهيم إن المسالة قد تأزمت، وان غرفته ستصبح مسرحاً لرواية مخزية، ولفاجعة مؤلمة، قال للفتاة بلغة لا يفقهها جيرانه: -
- لا تجزعي سأغلق عليك الباب، وسأذهب في طلب بوليس الأخلاق. . .
وأقفل الباب على الفتاة واجتاز العزاب وقد تربعوا في الممر يهدرون كالإبل. وبعد دقائق معدودات، عاد فهيم وبرفقته نفران فتبعثر العزاب هنا وهناك، وخرجت الفتاة بحراستهما، وقد سترت رأسها ووجها بمنشفة حتى لا يراها أحد، ثم تركوا الدير أربعتهم وساروا في الطريق معا، دون أن ينبسوا بكلمة واحدة. وإذ بلغوا مسكن النفرين، قف فهيم يستودعهما ويشكرهما على حسن صنيعهما. فأجابه أحدهما: لا شكر على واجب. ولكن هلا تفضلت مع الفتاة لنقضي السهرة عندنا؟!