إنني أعرف الصراصير جيدا. . . اعرفها في حلوان! فقد شاء السفه الذي يستحق الحجر من القضاء الشرعي، إن تهمل هذه الضاحية الجميلة الفريدة بين بلاد العالم كله - كما يقول العارفون - بهوائها وتربتها ومياهها واتفاعها، حتى تصبح أكوماً من الأتربة، ومجاري من القاذورات، تسبح فيها وتعيش شتى الهوام والحشرات!
ومن هنا كانت صراصير حلوان، تلك التي كتبت في شأنها على صفحات الصحف مرات. . .
وقيل لي: اسكت فلا فائدة من الكتابة، فرنين الكلمات غير رنين الجنيهات، ومنطق العبارات غير منطق الشيكات، وهناك شركات أجنبية يهمها ألا تقوم لحلوان قائمة، ومنطقها هو منطق الشيكات، فأين يذهب منطقك أنت، ولو كان هو منطق الحق والعدل والحياء؟!
وسكت من يومها وتركت أمر حلوان لله، وليقظة الضمير العام، حين يستيقظ ذلك الضمير العام!
المهم إنني في حلوان تعرفت على جميع (عائلات الصراصير) وصنوفها وأشكالها، ولم أجد من بينها نظيراً ولا شبيها لصراصير تلك الدار التي اختارها لي صاحبي، أو صاحب ألبها زهير!
وما هذا أنت الذي تبص وتتوارى في ثقب الجدار؟ انك لست بصرصار. . . وإلا فأين خبرتي بكل صنوف الصراصير في حلوان؟
أوه. . خيبة الله عليك! هذا أنت (صرصار) عجوز، فقد لونه الذهبي، وفقد أحد شاربيه أيضا، وتقلص ظهره وانكمش وتضاءل، حتى بدا في هيئة الخنفساء! تعال هنا. . . يا لعنة الله عليك! أو هكذا تغشني فيك، وتعبث بمعارفي كلها في عالم الصراصير؟!
لا يا عم! لا يا صاحب ألبها زهير، لا ويفتح الله، لن أقيم في دار الصراصير هذه، أو في دار الشعراء!
وكلها (فركة كعب) بين الصراصير وبعض الشعراء، لا أولئك الشعراء البائسين أو