للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المتبائسين الذين تحدثت عنهم في الفقرة السابقة، ولكن هؤلاء الشعراء الذين كثروا في هذه الأيام، شعراء الحفلات والمناسبات والسهرات والرحلات!

يا لعنة الله!

لقد كنا استرحنا فترة من (شعراء المناسبات)، ففي عام ١٩٣٢ أخرجت كتيباً صغيرا اسمه (مهمة الشاعر في الحياة وشعراء الجيل الحاضر)، وحملت فيه حملة شعواء على شعراء المناسبات، أولئك الذين قلت عنهم: إنهم كخدم الفنادق يستقبلون كل قادم ويودعون كل راحل بنفس الابتسامة، ويعدون أيام العظماء والمشهورين ليعدوا لهم - مقدما - قصائد الرثاء! انهم يأكلون على كل مائدة كالقطط الضالة! استغفر الله، بل كالصراصير!

لقد تطوروا أخيرا مع الزمن، فلم يعودوا يقولون فقط في (مناسبات) التكريم والرثاء، بل امتد رشاشهم. . فأصاب القمر وفصول السماء!. . . صراصير!!

واخترت دارا أخرى غير دار الشعراء! والدور في الإسكندرية كثير في هذا العام. إن (أغنياء الحرب) لم يزحموها تماماً. فالكثيرون قد ذهبوا إلى أوربا ولبنان، وأغنياء الحرب الذين اعنيهم ليسوا هم الذين أغنتهم هذه الحرب وحدها، فغيرهم كثير في تاريخ هذا الشعب قد اغتنوا في حروب، حروب طويلة، لا بين الدول، ولكن بينهم وبين الشعب المصري المنكوب!

حروب الجشع والطمع، والغدر والخيانة، وحروب التسفل والتبذل، ولو سن قانون: من أين لك هذا؟ لتكشفت أشياء وأشياء!

كثيرون من هؤلاء يسمون (الطبقة الأرستقراطية) ووسائل إثراء الكثيرين منهم - على مدى التاريخ - مما يندى له الجبين، بعضهم دفع اعراضاً، وبعضهم دفع خدمات لا يقوم بها الشرفاء. . ثم صاروا فيما بعد (أرستقراط)!

كثيرون من هؤلاء لم يزحموا الإسكندرية في هذا العام، لأنهم في أوربا أو لبنان، وقليلون منهم في الاسكندرية، ولهم حديث خاص في (لغو الصيف) فلندعهم الآن!

واسترحت في الدار الجديدة شيئا، وأخذت سمتي إلى الشاطئ. . هذا هو البحر، إنني اعرفه هذه هي الحياة المرحة القوية تدب في أوصالي. هذا هو صدري المقوس ينشد لاستقبال هوائه الجذل، هذه هي نفسي المنقبضة تتفتح لاستجلاء المنظر البهيج، هذه هي

<<  <  ج:
ص:  >  >>