للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ينادي بما يسمى تارة إعطاء الحقوق أو عدم الاضطهاد أو المساواة بين سكان جميع الأراضي الخاضعة أو التابعة لفرنسا. وبدأت تظهر نتائج هذه الأفكار بالنسبة لمراكش، فأطلق سراح الزعماء الذين قلنا عنهم فيما مضى إن فرنسا اغتالت الحركة التي كانوا قائمين بها سنة ١٩٣٧، وعلى رأسهم الأستاذ محمد علال الفاسي بطل حوادث تلك السنة. وظهرت كذلك في الوسط الحكومي أفكار نيرة كانت تعد إلحادا قبل الحرب الأخيرة، فبدأ الناس يقرؤون في البلاغات الرسمية ويسمعون في الدوائر الحكومية عن حقوق الشعب والرخاء العام، والعمل للمستقبل، ومحاربة لجهل والفقر والجوع. . . الخ. وهذا شيء جديد بالنسبة لما قبل الحرب في مراكش

وهكذا اعتقد الناس أن الطريق نحو المستقبل قد بدأ يلوح أمام هذه الأمة التي ضلت تلك الطريق منذ زمن ليس بالقصير. بيد انه يظهر إن الفرنسيون لم يستطيعوا أن يتخلصوا نهائياً من تلك الأفكار العتيقة التي كانوا يسوسون إمبراطوريتهم على ضوئها. وبالرغم من أنه لم تمر سوى بضعة شهور على هذا الاتجاه الجديد في السياسة الفرنسية فقد بدأ يظهر في افقها نوع من التردد الواضح، وما يدل على أن الفرنسيين لا يزالون بعيدين عن الأيمان العميق بتلك الأفكار الجديدة التي دفعتهم إليها الحرب الأخيرة.

ومصدر هذا التردد هو أن الفرنسيين اعتقدوا أن سياسة اللين أجدى على الإمبراطورية من سياسة العنف، أي أن هدف اللين اليوم هو نفس هدف العنف. بالأمس. ودليلنا على ذلك هو أن مشروع الوحدة الفرنسية الذي أشارت إليه المادة ٤١ من الدستور الذي خذله الفرنسيون في الانتخابات الأخيرة، لم يقم أي وزن لآراء هذه البلاد ولم يوص باستشارتها بل فرضها فرضاً؛ فهو مشروع فرنسي من فرنسا وإلى فرنسا.

أضف إلى ذك أن سفير فرنسا ومقيمها العام الجديد في مراكش، وهو الذي أرسلته حكومته لانتهاج خطة جديدة في هذه البلاد التي أنهكتها القلاقل - أعلن برنامجاً سياسيا اعتبره المراكشيون ضربة لآمالهم في الصميم، ووصفوه بأن تماد مع سبق الإصرار في فرض الحماية والإغراق في تنفيذها، هذه الحماية التي حاربوا طول مدة ثلث قرن في سبيل القضاء عليها. والبرنامج يتحدث عن السنين البعيدة المقبلة مقرونة بالحماية وما سوف تقوم به في المستقبل من أعمال، ولم يشر البرنامج أية إشارة إلى الإصلاح السياسي أو إعادة

<<  <  ج:
ص:  >  >>