النظر في المعاهدة، بل اكتفى بالإشارة إلى الإصلاحات المادية المختلفة ناسيا أن يذكر أن الحماية الفرنسية كانت مصدرا رئيسيا لكل هذه الويلات التي تعانيها مراكش، والتي يظهر أن الفرنسيين لا يفهموها، فإن من الواضح بعد هذه التجربة الطويلة أنه لا يمكن القيام بأي إصلاح في هذه البلاد ما دامت الحماية قائمة، بل يرجح القارئ أن واضع البرنامج لم يسمع شيئا عن مشروع الوحدة الفرنسية؛ فهو مهما يقل فيه اعتراف صريح بأن النظام القائم الآن لم يعد صالحاً وكأنه لم يسمع شيئاً أيضاً عن تاريخ مراكش خلال ثلث القرن الأخير.
وإذن فنحن لا نتردد في القول بأن مستقبل مراكش ما يزال محفوفا بالأخطار، وإن الابتسامة الحاضرة هي صرف للنظر أو تخدير للأعصاب. هي كسب للوقت بالنسبة لفرنسا وإضاعة للوقت بالنسبة لمراكش، ولكن الذي يسرنا أن نعلنه هنا هو أن حزب الاستقلال المراكشي، وهو الحزب الذي يعبر عن صوت الأمة القوى المجلجل، قد أعلن سخطه على بوادر السياسة الفرنسية ورفض أن يتعاون مع الحكومة أو أن يهادنها ما لم تعلن صراحة أن معاهدة الحماية ملغاة. وبعد ذلك تبدأ المفاوضات بين حكومة مراكشية شرعية وبين حكومة فرنسا لعقد معاهدة جديدة بين الطرفين.
لن يقبل المراكشيون غير هذا، والظاهر إلى الآن أن فرنسا غير مستعدة للنظر فيما يشبه هذا، وإذن فمراكش ما تزال مهددة بأن يكون لها مستقبل شبيه بذلك الماضي القريب، خصوصاً إذا لم يصل وفد حزب الاستقلال الذي يوجد الآن في باريس مع رجال فرنسا إلى نتيجة مرضية، ففي حاضر مراكش الآن هدوء ولكنه ربما كان الهدوء الذي يسبق العاصفة.