جلودها الخسة والمكر، والخديعة والجبن، وأشباهها من دنيئات الأخلاق.
ولقد أفضى سقوط عكا عام ١١٩١ م في أيدي الصليبيين إلى نتيجة مؤلمة رهيبة هي - في أوجز تعبير - امتداد الحروب الصليبية (مائة عام) أخرى يسجلها التاريخ بمداد من الدم الصبيب!
فقد اتخذ الصليبيون عكا حصناً لهم عوضاً عن بيت المقدس، وضلوا يناوئون منها المسلمين في الشام وفي مصر؛ حتى كان سقوطها على يد السلطان الظاهر بيبرس (١٢٩١ م) خاتمة لهذه المذابح الفظيعة التي انتهت بطرد الصليبيين من المشرق بعد أن لطّخت سجل تاريخ العصور الوسطى بدماء لا تبلى ولا تجف. فما أبهظ الثمن الذي دفعه المسلمون من دمائهم ومن مدنيتهم - خلال مائة سنة (إضافية) من الحرب - لقاء هذه اللحظة العابرة التي تحركت فيها مشاعر صلاح الدين فأطلق سراح ملك بيت المقدس جاي دي لوزينان! حقاً إنها للحظة حاسمة من لحظات التاريخ؛ تركت على وجه الأرض أثرها الذي لا يمحى.