هو أن يكون للبلد زراعة ثم صناعة ثم تجارة مزدهرة، بحيث يكون ميزانه التجاري وميزانه الحسابي سليمين، فلا يعتمد في شيء من حاجاته على بلدٍ أجنبي ما لم ينتج ما يسدّ النقص. وعلى ضوء هذا التعريف البسيط الموجز نتساءل هل نحن مستقلون اقتصادياً؟؟ الحق أننا لم نجتز بعد الخطوة الأولى في مضمار التقدم الاقتصادي، وما نزال مستعبدين اقتصادياً، فكثير من المشاريع المنتجة العظيمة في بلاد العرب، تُستغلّ برؤوس أموال أجنبية ولا يصيبنا منها إلا نصيب الأيتام على مأدبة اللئام!
ولم تغب بعد من الأذهان والخواطر تلك الحالة الاقتصادية البائسة التي فرضت علينا طيلة الحرب العالمية الثانية، وما تزال، حيث تمكن الأجنبي من تحطيم كيان العرب الاقتصادي بين عشية وضحاها، فأحصى علينا حركاتنا وسكنانا، ووقعنا تحت رحمته إساري، وازدهرت الأندية والملاهي والخلاعة. . . وسهل عليه أن يستعمل جيشاً لجباً من رجالنا. . . كمرتزقة. . .!! الخ. . . الخ. . . الخ. . .
(وأبقى لنا جلداً رقيقاً وأعظما) أورثنا الطبلاوي أفندي هذا الحيوان الذي أتخيله وحشاً يخرّب ويدمّر. . . ويبتلع الأخضر واليابس. . . وأورثنا التضخم النقدي. . . وسرق الرغيف منا سراً وعلانية، وابتلع نتاج أرضنا من بترول ومعدن. . . وذهبت الدماء التي أريقت منا هباءً منثوراً. . . ولئن عادت تلك الظروف عدنا نحن والهنود وغيرهم. . . ندفع الثمن!!!
إذن ما نزال تحت رحمته، ولم نخط خطوات محسوسة في سبيل الاستقلال الاقتصادي، وهذا يعني - وهو حقيقة مرة - أن الوضع الحاضر المقيت سيمتد إلى أجل غير مسمى في بلاد العرب. . . وسيبقى الاستقلال السياسي - إذا أتممناه - عديم الفائدة.
ثانياً: ما هو الاستقلال الفكري وأهميته؟؟
هو ألا نجري وراء الآخرين بل نجاريهم في كل شيء!
هو ألا نصدق بكل ما يرد إلى بلادنا من أفكار ومذاهب وآراء على علاّتها.
هو ألا نشعر بأننا قاصرون، وأقل جدارة، وأحط أهلية من الآخرين. ففي مضمار السياسة والوطنية يجب أن نعمم الأفكار العربية الصحيحة، وأن تكون لنا فكرة أو عقيدة ثابتة لا