للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

نقاء عقلها، ولكن وجهها كان مقنعا، بيد أنى أبصرتها بعيني خيالي فإذا الحب والجمال وطيبة القلب تضيء في هيكلها بصورة لن يكون أحسن منها وأبهج في وجه من الوجوه. . . ولكنها يا ويلتا ما كادت تميل إلي لتعانقني حتى صحوت فلم أجدها ووجدت النهار يحيطني ثانية بليلي المظلم).

هذا هو الشاعر يصف في هذه المقطوعة الجميلة مبلغ حزنه ولكن به كبرياء أن يصرعه الخطب؛ وإن صدق إخلاصه للشعر واعتقاده أنه خلق لعظيمة فيه ليرتفع به عن الحزن؛ وكان يجد عزاءه فيما يقرأ له أصدقاؤه وفيما تنطوي عليه نفسه وتختزنه ذاكرته؛ وإنه في هذا ليتداوى بالتي كانت هي الداء، فهذه الكتب هي التي أفقدته ناظريه؛ على أنه اليوم يقرؤها بعيني غيره.

وكان يقول لمن حوله إن خياله يضيء ويلمع في الظلمة أكثر مما يضيء في النور، وأن النور لم يذهب عنه ولكنه تسرب إلى داخله ليرهف مخيلته وعقله، وتلك تعلات كان لابد له منها لكي يقوى على ما كان يحيط به، وإنه لينهض على ما هو فيه لقصيدة تضعه في مستوى هوميروس ودانتي، وما نعرف شاعراً كانت حاله أكثر سوءاً من حال هذا الشاعر حين يضطلع بعبء كهذا العبء وفي هذا أبلغ شاهد على سمو روحه وقوة نفسه.

(يتبع)

الخفيف

<<  <  ج:
ص:  >  >>