للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وهي في الحقيقة مهمة ثقيلة الأعباء مفعمة بالمصاعب، ملآى بكل مجهول، إذ لا يعني ذلك إعادة وإنشاء ما أصابه التدمير مادياً فحسب، بل اجتناب الحكم بالتدمير من جديد وبأقرب وقت على ما سنشرع ببنائه. ومن السهل علينا تمييز أسباب الحرب ومسئولياتها، ولكن لو ذهبنا في تعمق الأشياء إلى أبعد من ذلك، لرأينا وجوب التسليم بأن الحرب ما كانت إلا المظهر الخارجي الفاجع لاستحالة استمرار الإنسانية على العيش في ظروف مادية وعلاقات متبادلة، ثبت أن العالم قد تخطى العصر الذي وجدت فيه

ولقد تعينت معالم هذا التخطي عن طريق التقدم العلمي والرقى الفني، هذا التقدم الذي وضع تحت تصرف الإنسانية كمية في تضخم مستمر من الثروة لا تستفيد منها إلا بعض الطبقات الاجتماعية

ولكن هذا الحادث لا يزال في دور التخطيط؛ فالتقدم العلمي والرقى الفني سيستمران في النمو بشكل يزداد على الدوام سرعة ووزناً في النتائج في كافة النواحي

ويوشك أن ينهار بنياننا الاجتماعي الذي لم يستطع مقاومة الغزوات الفنية للنصف الأول من هذا القرن، وستقل مقاومته لصدمة الغزوات الفنية التي ستطبع بلا ريب السنوات القادمة.

ولقد أضحى التقسيم الحالي للبشرية إلى طبقات بالياً ومحكوماً عليه بالزوال وستلغيه فجأة ثورة دامية لا مثيل لها في التاريخ، إذا لم نعرف منذ الآن كيف تتغلب عليها بإيجاد نظام جديد تتاح فيه للناس دون ما تمييز في الطبقات نفس الظروف للتمتع بالخيرات التي وضعها التقدم العلمي والرقى الفني تحت تصرفنا بمقياس واسع وبشكل دائم الاستمرار

فإيجاد هذا النظام الجديد، وصياغته بشكل يتفق واطراد الرقى الفني إلى حد لا يستطاع تحويله كما جرى غالباً في الماضي إلى أدوات اضطهاد في يد فئة قليلة من أصحاب الامتيازات توجهها نحو كتل بشرية محرومة من وسائل الدفاع فاقدة الأمل والاعتراف لجميع البشر، بحق الاقتسام العادل لخيرات الأرض وإمكانية مساهمتهم في التقدم المشترك والتمتع به بصورة مشتركة. هذه هي مهمة الغد العظمى النبيلة الشاقة التي لا تقبل أي تأجيل أو تسويف

وإليكم في الوقت ذاته تحديداً للصورة الجديدة لجامعة الغد: على جامعة الغد أن تكون أول

<<  <  ج:
ص:  >  >>