من يبادر إلى تحقيق زوال التفاوت الطبقي، وذلك بأن تتقبل في أحضانها كل شاب يتصف بالذكاء وحسن النية، مهما كانت ظروف أسرته الاقتصادية والاجتماعية ومهما كانت موارده محدودة
ولقد أضحى هذا الاقتراح منذ مدة مكاناً شائعاً، فنعثر عليه في برامج مختلف الأحزاب السياسية في كافة الأقطار، ولكن علينا ألا نحسب أنه نتيجة مكتسبة ومسلم بها، فهو على النقيض من ذلك، نصر لا يمكن إحرازه إلا مقابل أعنف المعارك وأهولها
وفي الحقيقة إن أغلب أولئك الذين يسلمون نظرياً في كثير من السهولة برأينا لا يقصدون سوى ازدياد قل أو كثر لكراسي الدراسة المجانية التي كان يحسب فيما مضى إمكان حل المشكلة عن طريقها
بيد أن هذه الكراسي المجانية قد أتاحت لعدد من هؤلاء الشباب الخروج بل الهرب من الطبقة العاملة ليأخذوا أمكنتهم بين الطبقة البرجوازية أو الطبقة الحاكمة
وإذا كان من العدل أن نعترف بحسن نية أولئك الذين أسسوا هذه الكراسي الدراسية رغبة منهم في مساعدة أفضل أبناء الشعب على ارتياد مناهل العلم والتربية، فينبغي التسليم أيضاً بأن هذه المؤسسات قد ساعدت على تعيين معالم هذا التسابق نحو إحراز شهادة تعتبر كوسيلة وحيدة لبلوغ أعلى الدرجات في السلم الاجتماعي، هذا التسابق الذي أفسد بصورة خطرة كل حياتنا الجامعية
فالإكثار من الكراسي الدراسية المجانية يبقي المشكلة الاجتماعية على حالها دون أن يحمل إليها حلاً، إذ ليس القصد توسيع أبواب الدخول إلى الجامعات، بل انتخاب أولئك الذين يدعون لدخولها وانتخابهم بشكل أوسع وفي محيط اجتماعي أرحب. وهدفنا من ذلك منح إمكانيات أعلى مراتب الثقافة لكل الذين يحوزون من المواهب الفكرية ما يسمح لهم ببلوغها ولهؤلاء فقط
والغرض من ذلك في الوقت ذاته حمل الرأي العام على تقدير كل شكل آخر من أشكال النشاط المنتج الذي لا تقل حاجة المجتمع إليه عن حاجتها إلى العلماء وتوجيه جميع الذين يعتقدون الآن بأن لهم الحق في الدراسة لا لشيء إلا لكونهم ينتسبون إلى الطبقات المتمتعة بالامتيازات فيجعلون الجامعات مزدحمة بهم، ليصبحوا في المستقبل من المتخلفين عن