المساكين من الإصلاح العلمي والاجتماعي ما أمله المؤملون منها، ولم نجدها بدلت من خلائقهم شيئاً، بل وجدناها كادحة جاهدة في إرداء شعورهم وإحساسهم وإفساد كل صالح فيهم، ووجدناها ضاربة دونهم ودون الرقي الذي ينشدونه بالاسداد ابتغاء ألا ينتبهوا من نومهم ويرجعوا إلى أنفسهم فيردوا ما ألم بهم وما صبحتهم به الليالي (أقال الله عثرتنا من الليالي) فيكبروه وينكروه، وإن كل جريمة تحتقبها أوربة، وإثم تكتسبه حلال طلق في شريعة السياسة ودين الاستعمار.
وإني لأقرّع القوم بأعمالهم كثيراً ولا أعذرهم على حال، لأنهم موقنون جد الإيقان بفظاعة ما يأتون وشناعة ما يجترمون وعالمون كل العلم بأنهم يجرحون فؤاد الإنسانية بما يجترحون من الإثم بإذلال بنيها وإضراعهم؛ لكنهم متصلبون في عنادهم مصرون، ومقيمون على ضلالهم لا يتزحزحون، وكافرون بدين الرحمة جاحدون، ولو كان من عذر لما سمعت استيد وجوريس وإضرابهما من الإنسانيين يصيحون ويجلبون، ويندبون ويبكون، ويقولون في كل حين:(أوربة، إنك ظالمة، أوربة، إنك آثمة، أوربة إنك جارمة. . .).
محمد إسعاف النشاشيبي
الموسيقى الإيرانية وأثرها في العالم:
لقد علمت إيران العالم كيف يغني وكيف يترنم، ولإدراك هذه الحقيقة نقدم إليك النبذة التالية التي نشرتها جريدة (القبس) الدمشقية:
(تعتبر إيران بحق سيدة الموسيقى الكلاسيكية الشرقية، ذلك أنها عرفت قبل الإسلام بزمن طويل نهضة موسيقية وصلت إلى أوجها في القرن السابع على عهدي الملك كسرى أبرويز، فقد كان هذا الملك نفسه موسيقياً، لهذا لم يأل جهداً في إنهاض فنه المحبوب، فوضع بواسطة الموسيقى الإيراني الشهير الشيرازي ومساعده الأرمني سركيس هوروم أوزان ونظريات الموسيقى الإيرانية).
(وعندما احتل العرب بلاد الفرس، لم تكن الموسيقى عندهم فناً يستحق توجيه الجهد إليه، لأنهم انصرفوا إلى توسيع رقعة لغتهم وشعرهم، ومع هذا فقد استعاروا من الإيرانيين