للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الضربة القاضية. وجاء نعى بتروكل إلى صديقه اخيل فسارع إلى الخنادق، وما كادت العيون تأخذه حتى وقع الرعب في قلوب الطرواديين، وسرت الحمية في نفوس الإغريق. فاستخلصوا جثة بتروكل، وشق على اخيل أن يطل دم صديقه، فصالح الزعماء وأزمع قيادة الجيش. وأرسل أمه إلى فلكان اله النار تأتيه منه بسلاح ولامة. فلما تسربل بالحديد خاص المعركة فأوقع بالطرواديين وقذف بهم في نهر الاجزنت، والتقى بهكطور فحمل عليه وقتله، ثم شده إلى مركبته وطاف به مسحوبا على وجهه حول جدران طروادة على مشهد من أسرته الضارعة الحزينة. ثم احتفل بعد ذلك بجنازة بتروكل؛ واوحى اله من الآلهة إلى فريام أبي هكطور ان يذهب إلى اخيل يسأله جثة ولده؟ فذهب الشيخ يسترحم البطل المنتصر، ويتوسل إليه بذكرى أبيه حتى رق له ورد إليه أشلاء القتيل.

أما موضوع الاوذيسة فهو مخاطر أو ليس بعد سقوط طروادة ورجوعه إلى اتيكا بعد أن عوقته عن هذه الأوبة أقدار الإلهة المعادين عشر سنين. وتنقسم هذه الملحمة إلى أربعة وعشرين نشيدا أيضاً، وقعت حوادثها في خلال أربعين يوما، وهي دون الإلياذة في الأسلوب والقوة والجاذبية، حتى كان هذا الاختلاف الشديد دليلا من أدلة الأستاذين الناقدين فيكو الإيطالي، وولف الفرنسي، على أن هاتين الملحمتين ليستا من صنع مؤلف وأحد. وملخصها أن أوليس لدى عودته من حصار طروادة حل عليه غضب نبتون اله البحر فأضله بين جزره وسواحله؛ وطال نزوحه عن وطنه حتى ندبه أهله وبكاه قومه، وحتى جرؤ الطغاة من الأمراء على أن يستبيحوا ذماره ويهلكوا ماله، ويكرهوا بنيلوب زوجه، على أن تختار أحدهم لها بعلا. وغضب تليماك ابن أوليس على حداثة سنه لانتهاك حرمته، وإنتهاب ثروته، وابتذال فنائه؛ فخرج في البحث عن أبيه عند رفاقه من أبطال طروادة، ائتماراً بمشورة الآلهة منيرفا. فذهب إلى نسطور في بيلوس، والى منيلاس في اسبارطة، فقص كل منهما عليه ما كابداه في أوبتهما من الأهوال، ونعيا إليه بتروكل واخيل واغاممنون واجاكس؛ اما أوليس فانهما لا يعلمان شيئا عن مصيره.

وكان أوليس في ذلك الحين أسيراً في جزيرة (اوجيجي) عند الحورية جاليبسو، فظفر بالنجاة على ظهر طوف، ولكن عاصفة هوجاء هبت عليه فقذفت به في ساحل جزيرة (الفياسين) على حالة بين الحياة والموت؛ فاقتاده أهلها إلى ملكهم السينوس، فقص عليه

<<  <  ج:
ص:  >  >>