أما محمد صاحب (السخائف) كما أرادته دار المعارف فلا يخرج عن كونه بشرا، له من الأخطاء في السلوك والمعاملة، وفي اللغة والأدب ما يجعله دائما بشرا، لا ملاكا ولا قريبا من ملاك. وكنت أحب أن أكون فنانا، أو مفتنا حتى اشكره على حسن الظن بأن يعقد مقارنة في الهواء بين الفن، وبين سخائف ولكن شاء القدر أن يسلبني كل شيء حتى صحيح الاسم. ولذلك قصة لا تخلو من السخافة كنت أود أن أرسلها على صفحات الرسالة. ولكن ما العمل وكتاب الرسالة خطباء منابر، ورجال دين وفقه وعلم لا ينفع معهم ارتفاع صوت مدني سخيف اسمه:
محمود العزب موسى
ما جرى من أرى:
من الظواهر الطبيعية في مصر أن المحسن لا يجيد من يقول له متطوعا (أحسنت) بينما يجد المسيء فورا من يقول له (أسأت) وهي ظاهرة لا تشجع على الإحسان، لولا أن المحسنين يستمدون الشجاعة من أنفسهم ويرون دليل إحسانهم أن أحدا لم يقل لهم أسأتم.
لبثت أربعين عاماً أقول الشعر في مصر لم اظفر خلالها بمن تبرع بتسجيل إحسان لي في صحيفة، حتى كدت احسبني مسيئا لولا إيماني بتلك الظاهرة، ولولا أن المجمع اللغوي سجل لي هذا الإحسان.
واليوم، حين يتوهم مني الخطا، اسمع كلمة (أخطأت) سريعة مجلجلة. ولا خطأ هناك، وإنما سقطت كلمة (أرى) من هذه الجملة (وما أرى الضمير الثاني إلا ضميراً قلقاً نابياً) فقرأت (وما الضمير الثاني إلا ضميرا قلقا نابيا) والصواب في الحالة الثانية رفع الضمير كما قال الأستاذ (ع) ولكن ما حيلتي ولم أكن أقدر أن ستسقط (أرى) فيجري منها ما جرى؟؟
وسائر الغلطات النحوية التي تقع في عبارات الكتاب في الصحف مردها إلى وجه كهذا الوجه والأصل فيها صواب الكتاب لأن قواعد النحو ميسرة للجميع.
على أني كنت بسبيل أن اشكر للأستاذ (ع) تصويبه، فهو وأن لم يفدني فقد يفيد غيري لولا غمزة خبأها الأستاذ في قوله أنه ما عمد إلى تصحيح كلامي إلا لأني حريص على تصحيح