الالتفات إلى التاريخ التركي قبل الإسلام ولكن لما اتجهت الأنظار نحو القومية التركية تغير الاتجاه في الدراسة التاريخية، فأخذ تاريخ الترك قبل الإسلام مكانه في التاريخ الإسلامي، وتغير نظر الأتراك إلى بعض الشخصيات التركية التي كانت تذكر في التاريخ باللعن والسخط.
وبذلك سايرت اللغة والتاريخ فكرة القومية في تركيا، فأثرا فيها، وأثرت فيهما. وقد أدى كل ذلك إلى نشوء الشعور الوطني وحدوث التطور السياسي الذي جاء بعده التجديد في اللغة والتاريخ. وبدأ العمل السياسي في أوائل القرن العشرين خارج تركيا. وذلك أن الدعاة إلى الأفكار السياسية هاجروا إلى بعض البلاد كمصر وسويسرا، ونشروا فيها أفكارهم بوساطة الصحف وإرسال المنشورات السرية إلى البلاد التركية، وكانت الآراء السياسية مختلفة، فجماعة يدعون إلى الوحدة الإسلامية، وآخرون يدعون إلى العثمانية، وفريق ثالث يعتنق الفكرة التركية البحتة.
ولما أعلن الدستور في تركيا ظهرت الدعوات في داخل البلاد، وأخذ كل فريق يؤيد رأيه، وتعاقبت الحوادث، ففصلت بين هذه الآراء بحكمها.
وختم الأستاذ المحاضرة بأن كل ذلك يدل على أثر اللغة والتاريخ في الفكرة القومية عند الأتراك، وأن هذا يؤيد ما ذهب إليه في المحاضرات السابقة من أن القومية كائن حي روحه اللغة ووعيه التاريخ، وقال إنه سيبين ذلك أيضاً في نشوء الفكرة القومية في البلاد العربية، بالمحضرتين الآتيتين.
نشيد الجامعة العربية:
في أوائل العام الماضي أعلنت الجامعة العربية عن مباراة لوضع نشيد للجامعة العربية. ولما دنا الموعد المحدد لقبول الأناشيد نظرت فيما تجمع لديها، فلم تجد فيه ما يصلح، فأفسحت الوقت وأمدت الأجل، ثم ألفت لجنة للفحص. وانتهى الأجل الممدود وفحصت اللجنة الأناشيد المقدمة، فلم تجد بينها ما يصلح اتخاذه نشيداً للجامعة. ومما يذكر أنه لم يتقدم إليها أحد من الشعراء المعروفين، ورأت اللجنة أن تجيز أحسن ما قدم، فاختارت نشيدين عهدت بأحدهما إلى المعهد العالي للتمثيل والموسيقى، وبالثاني إلى الجامعة الشعبية، على نحو ما ذكرت قبل الآن. وقام المعهدان بالتلحين والإلقاء، وحضرت اللجنة