وعند ذلك سقطت الفتاة باكية عند قدميها تستصرخها وتتوسل إليها صائحة: أنقذيني يا سيدتي فإنك قديرة على ذلك. على أنني ما قصدتك إلا بعد أن هدتني إليك إحدى صاحباتي.
أما القابلة فتجاهلت تلك الصاحبة قائلة إنها ما أقدمت مرة على عمل ممقوت كهذا، فأخذت الفتاة تنوح وتستعطفها وتنشد مروءتها إن لم يكن إكراماً لتلك الصاحبة فشفقةً بها، ثم قالت إنني لن أبخل بما تطلبين، وأقسم لك أيضاً أنني لا أخرج من هنا إلا صمّاء فلن يعرف أحد شيئاً من أمرك وأمري.
ولقد هدّأت هذه الأقوال من روع القابلة سيما بعد أن اطمأنت على أجرها، ولذلك قالت لها إني أعرف هنا جرّاحاً شهيراً في وسعه أن يخلصك من هذا الحمل بغير عناء ما دمت تدفعين له ما يطلب، ولكنه لا يقبل أقل من ثلاثة آلاف فرنك. فلما قبلت المسكينة أوصتها بالعودة إليها في صباح اليوم التالي.
وفي الموعد وقفت عربة الدكتور تيسو عند باب منزل خلوي كان يعدّه لعملياته الجراحية المحرمة. وكان قد علم من القابلة بأمر هذه الفتاة وأنها جاءت كما أوصتها، وناولته الأجر الذي اتفقت معها عليه. وعند ذلك سألها ما إذا كانت قد عرفت من هي أو من هم أهلها، فقالت له إنها لم تشأ أن تذكر لها شيئاً من ذلك، ولكنها سلمتها خطاباً أوصتها أن لا تفضه إلا إذا كتب لها أن تموت لا قدر الله.
وعند ذلك هز الطبيب كتفيه ثم قصد إلى معمله قائلاً، إذهبي أنت فخدريها بينما أغسل أنا يدي وأعقم سلاحي.
وبعد لحظة كان الطبيب بغرفة العملية، والفتاة نائمة عارية إلا أن وجهها كان مختفياً تحت حجاب المخدر.
وعند ذلك شرع في عمله بغير شفقة على هذا الشباب المنطرح أمامه، ولكنه فوجئ بمضاعفاتأخطأ حسابها، وقطع القطن تتساقط من يديه فوق الأرض وقد صبغها الدم بينما القابلة تراقب تأثير المخدّر في ضربات القلب، وكان قد مضى على بدء العملية عشرون دقيقة. غير أنه صاح فجأة: ما هذا؟ لقد ثقبت الجدار. فصرخت شريكته، إذن هلكنا.
ولقد اضطر الطبيب إلى اتباع آخر وسيلة كانت أمله الأخير فأخذ يقتطع من لحم الفتاة، والغضب والاضطراب باديان على وجهه ولكن القابلة صاحت فجأة صيحة مزعجة: لقد