أما كرسي شوقي فالأليق به خاصة أستاذ من خارج الجامعة، لأن شوقي نفسه من خارجها، وقد كان من أساتذة (الجامعة العامة) إن راقك هذا الاسم. . . فمن التناسق أن يكون أستاذ كرسيه من لونه.
اللغة العربية في هيئة الأمم:
أذاعت وكالة الأنباء العربية من لندن أن الأوساط العربية هناك لم تقابل بالارتياح النبأ الوارد من القاهرة بأن الدول العربية ستطلب قبول اللغة العربية لغة رسمية في هيئة الأمم المتحدة، وأرجعت عدم الارتياح هذا إلى أمرين: الأول أن (مساومة الكتلات) لبلوغ هذه الغاية ستضعف من مقدرة العرب على المساومة في مسائل أهم من ذلك. والأمر الثاني أنه لو تركت جانباً مسألة الكبرياء والزهو القومي، فالمعروف أن مندوبي العرب يجيدون اللغات المتداولة في هيئة الأمم، فإذا تحدثوا بالعربية فلن يكون لسماع خطبهم مترجمة الأثر الذي تحدثه براعتهم في الإنجليزية أو الفرنسية.
والأمران كلاهما لغو وكلام فارغ. . . فادخار الجهد من مساومة لمساومة عجز وكسل، على أن ظفر العرب بقبول لغتهم رسمية في هيئة الأمم يقوى مركزهم الأدبي فيها، وليست مسألة الكبرياء والزهو القومي مما يترك جانباً، فإن لها أثراً نفسياً في استشعار العرب عزتهم وكرامتهم ومواصلة كفاحهم، ولها نفس الأثر في نظر مندوبي الغرب إلى العرب نظرة الند إلى الند، لا نظرة المتسلط إلى الضارع. ومن هنا ينعكس الأمر كما يقدره أولئك المقدرون، فتسهل المساومة في المسائل الأخرى.
وما دامت المسألة مساومات وكتلات فماذا تجدي البراعة في الإنجليزية أو الفرنسية التي يقال إنها ستفقد في الترجمة؟ إن مندوب روسيا - مثلا - يتحدث بالروسية في هيئة الأمم، وينام سائر المندوبين حتى ينتهي، ثم يترجم كلامه (فاقداً) البراعة. . . فهل تخسر روسيا بذلك شيئاً؟ وهل يفوتها غنم من غنائم أهل البراعة؟
إذن دعوا العربية تسير، فلن تعوق إن لم تبلغ، وإذا خسرنا الإنصاف من ذئاب الغرب وكسبنا الكبرياء والزهور القومي فلم نخسر شيئاً، لأن الشعور بالكبرياء والزهو سيعيننا على انتزاع الإنصاف منهم بغير الخطابة والبراعة.