قرر مجلس الإذاعة الأعلى في اجتماعه المنعقد يوم الأربعاء الماضي، إيفاد كل من محمد قاسم بك المدير العام للإذاعة، وكريم ثابت بك مستشارها، لحضور مؤتمر الإذاعة الذي سيعقد بإيطاليا فيما بين ١٤ و١٩ سبتمبر الحالي، وزيارة محطات الإذاعة في إنجلترا وفرنسا وسويسرا، لاقتباس النظم التي تلائم الإذاعة في مصر.
وفي هذا القرار مسألتان: الأولى حضور المدير والمستشار المؤتمر، وليست هذه المسألة بدعا، فما أكثر المؤتمرات، وما أكثر من يوفدون إليها من كبار الموظفين، وما أكثر ما تنفقه الحكومة في هذا السبيل! وليس يذهب كل ذلك سدى. . . فإن لم تظهر له نتائج عملية فيكفي أن يتمتع حضرات المندوبين بالرحلات، وأن يستجموا، كي يواصلوا بعد عودتهم جلائل الأعمال.
أما المسألة الثانية التي يشتمل عليها ذلك القرار، فهي زيارة المدير العام للإذاعة ومستشارها محطات الإذاعة بالبلاد المذكورة. وتستلزم هذه الزيارة طبعا السفر إلى تلك البلاد والتنقل بينها والإقامة في كل منها أياماً أو أسابيع. وسينفقان في كل ذلك مبلغاً من المال لا بد أن يكون كبيراً، تصرفه خزانة الإذاعة دون أن تصطنع في صفه ما تصطنعه في أجور الفنانين والمحدثين بها من التمهل والإبطاء.
والغاية من هذه الرحلة الطويلة الباهظة، اقتباس النظم التي تلائم الإذاعة في مصر، كما يقول القرار، فالغرض لا يتعلق بالناحية الهندسية الفنية الآلية، وإلا كان من يوفد غير المدير والمستشار، واستحق الأمر أن ينتقل الوفد من مصر إلى تلك البلاد؛ وإنما يتعلق الغرض بالبرامج، والبرامج يمكن سماعها في مصر واقتباس ما يلائم مصر منها، فلم إذن زيارة محطات الإذاعة؟ الوقوف على نظام الحجرات والمكاتب بها، أم للاطلاع على أصول ما يذاع. .؟
على أن الأستاذ محمد قاسم بك رجل كبير ممدود له في الخدمة بعد سن المعاش، أفلا ينبغي أن يستبدل به من يمكن أن يستفاد منه طويلا بعد أداء هذه (المهمة) إن صح أنها مهمة. . .؟
أو لست ترى في هذه الزيارة عدم اعتراف بالعمل الإذاعي من حيث أن الغرض منه أن ينقل إليك كل شئ في مكانك، ولا يجشمك أن تنتقل إلى مكانه؟!.