قبح، فلا ضير على الأديب إذاً أ، يتناول مسألة خلقية أو اجتماعية يعالجها، أو أن يدعو إلى فضيلة أو ينهى عن مأثمة، على شريطة أن يكون ذلك من تجاربه، وأن يثير فينا الوجدان، فيرضى فنعمل، أو يكره فنكف.
الأديب حر في أن يتناول ما يشاء من تجاربه، من غير أن نضع له خطة ينتهجها، وكل ما نطالبه به أن يرسم لنا شعوره؛ ولذا نرى من الأدباء من أحس بجمال المشورة فمدحها، كبشار بن برد إذ قال:
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن ... برأي نصيح او نصيحة حازم
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة ... فإن الخوافي قوة للقوادم
ومنهم من لم ير فيه جمالاً، كعبد الملك بن صالح حين قال:(ما استشعرت أحداً إلا تكبر علي، وتصاغرت له، ودخلته العزة، ودخلتني الذلة، فعليك بالاستبداد؛ فإن صاحبه جليل في العيون، مهيب في الصدور، وإذا افتقرت إلى العقول حقرتك العيون، فتضعضع شأنك، ورجفت بك أركانك، واستحقرك الصغير، واستخف بك الكبير، وما عز سلطان لم يغنه عقله عن عقول وزرائه وآراء نصائحه). وكلا القطعتين من الأدب.
أما التعبير الإباحي فليس من الأدب، ولا الفن الجميل، لأننا نعني بالإثارة، تلك الإثارة الوجدانية الروحية الخالصة، أما إثارة الغريزة الجنسية فليس من عمل الأدب، ومثل هذا اللون من القول مثل الصور الخليعة الماجنة لا يعدان من الفنون الرفيعة.