للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تخلق بعد، وأرجو إلا تخلق، فالأديب حر، والناقد حر، وليس هناك ما يصح أن نسميه خطة للأدب ولو كان نقداً.

تعقيب:

تفرعت المناقشة في حرية الأدب إلى المسألة الثانية وهي خدمته للمجتمع، والأمر في مسألة الحرية واضح، فلن يستطيع أحد أن يلزم الأديب بأن يسير على نهج معين أو يتجه إلى غاية مرسومة، وحقاً إن غاية الأدب التعبير عما في نفس الأديب كما قال الدكتور طه، ولكن ما هي نفس الأديب وماذا فيها إن لم يكن الشعور بما يضطرب في حياته التي هي جزء من حياة المجتمع؟ أليست نفس الأديب نفس الإنسان يحس بما يدور حوله ويتأثر به ويعيش مع الناس في بؤسهم ونعيمهم ويشعر نحوهم بتبعات وواجبات؟ أو ليس في نفس الأديب ذخيرة من هذا كله فيعبر عنها بأسلوبه الفني ويؤثر في النفوس بصوره الأدبية ويوجهها إلى مثل عليا؟ وهو في ذلك يتمتع بتمام حريته لم يقسر على شيء ولم يرسم له أحد طريقاً ولم يخرج عن نطاق التعبير عما في نفسه.

لاشك أن الأصل هو ما في النفس، والتعبير صورة له، فإذا كان الأدب لا يخدم المجتمع فمعنى ذلك تجريد النفس من الشعور الاجتماعي أو كبت هذا الشعور، والأول ينفي القيمة الإنسانية عن الأدب، والثاني لا يتفق والحرية في التعبير.

على أن الأديب حينما يستجيب للمجتمع إنما يستجب لنفسه لأنه جزء منه، فإن لم يستجب له كان أدبه أدب عزلة وجمود.

حديث مستشرق عن الشعر العربي:

انتهزت كلية الآداب فرصة وجود مستشرق إنجليزي في رحلة بالشرق الأوسط، وهو الدكتور ألفرد جيوم أستاذ الأدب العربي بجامعة لندن، فدفعه إلى إلقاء محاضرة بالجمعية الجغرافية الملكية، فلبى الدعوة ألقى يوم السبت الماضي محاضرة موضوعها (الشعر العربي) بدأها بالإشارة إلى الصعوبات التي تعترض المستشرق عند قراءة الشعر العربي من حيث الوقوف على معانيه، وقال إنه كثيراً ما يغمض عليه معنى بيت فيبحث ويسأل عنه على غير طائل، فيتذكر قول شاعر إنجليزي سئل عن معنى بعض شعره: عندما قلت

<<  <  ج:
ص:  >  >>